كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

الأحوص وبعض أخباره

صفحة 74 - الجزء 21

  فقال: يا أمير المؤمنين إنها كانت أربعة آلاف درهم، فقال: ألف يحصّل خير من أربعة آلاف لا تحصّل.

  ابن المقفع يتمثل بمطلع لاميته

  : وقال الخراز في خبره: حدّثني المدائني: قال:

  أخذ قوم من الزنادقة، وفيهم ابن لابن المقفع، فمرّ بهم على أصحاب المدائن، فلما رآهم ابن المقفع خشي أن يسلَّم عليهم فيؤخذ، فتمثّل:

  /

  يا بيت عاتكة الذي أتعزّل ... حذر العدا وبه الفؤاد موكَّل

  الأبيات، ففطنوا لما أراد، فلم يسلَّموا عليه، ومضى.

  هو ومعبد يردان اعتبار جارية

  : أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ عن ابن شبّة: قال:

  بلغني أنّ يزيد بن عبد الملك كتب إلى عامله أن يجهّز إليه الأحوص الشاعر ومعبدا المغنيّ.

  فأخبرنا محمد بن خلف وكيع: قال: حدثنا عبد اللَّه بن شبيب: قال: / حدثني إسماعيل بن أبي أويس: قال:

  حدثني أبي: قال: حدثنا سلمة بن صفوان الزّرقي، عن الأحوص الشاعر - وذكر إسماعيل بن سعيد⁣(⁣١) الدمشقي -:

  أنّ الزّبير بن بكَّار حدثه عن ابن أبي أويس، عن أبيه، عن مسلمة بن صفوان، عن الأحوص، وأخبرني به الحرمي، عن الزبير، عن عمه، عن جرير المدينيّ المغني، وأبو مسكين: قالوا جميعا:

  كتب يزيد بن عبد الملك في خلافته إلى أمير المدينة - وهو عبد الواحد بن عبد اللَّه النّصريّ - أن يحمل إليه الأحوص الشاعر ومعبدا المغني مولى ابن قطن قال: فجهّزنا وحملنا إليه، فلما نزلنا عمان أبصرنا غديرا وقصورا، فقعدنا على الغدير وتحدثنا وذكرنا المدينة، فخرجت جارية من بعض تلك القصور، ومعها جرة تريد أن تستقي فيها ماء، قال الأحوص: فتغنّت بمدحي في عمر بن عبد العزيز:

  يا بيت عاتكة الذي أتعزّل

  فتغنت بأحسن صوت ما سمعته قط، ثم طرّبت، فألقت الجرة فكسرتها، فقال معبد: غنائي واللَّه، وقلت:

  شعري واللَّه، فوثبنا إليها، وقلنا لها: لمن أنت يا جارية؟ قالت: لآل سعيد بن العاص - وفي خبر جرير المغني: لآل الوليد بن عقبة - ثم اشتراني / رجل من آل الوحيد بخمسين ألف درهم، وشغف بي، فغلبته بنت عم له طرأت عليه، فتزوّجها على أمري، فعاقبت منزلتها منزلتي، ثم علا مكانها مكاني، فلم تزدها الأيّام إلا ارتفاعا، ولم تزدني إلا اتضاعا، فلم ترض منه إلا بأن أخدمها، فوكلتني باستقاء الماء، فأنا على ما تريان، أخرج أستقي الماء، فإذا رأيت هذه القصور والغدران ذكرت المدينة، فطربت إليها، فكسرت جرتي، فيعذلني أهلي، ويلومونني، قال:

  فقلت لها: أنا الأحوص، والشعر لي، وهذا معبد، والغناء له، ونحن ماضيان إلى أمير المؤمنين، وسنذكرك له أحسن ذكر. وقال جرير في خبره ووافقه وكيع، ورواية عمر بن شبة: قالوا: فأنشأت الجارية تقول:

  إن تروني الغداة أسعى بجّر ... أستقي الماء⁣(⁣٢) نحو هذا الغدير


(١) ف: «أحمد بن سعيد».

(٢) ف: أستقي فيه ماء.