أخبار تأبط شرا ونسبه
  كان أحد العدائين المعدودين
  : أخبرني عمّي عن الحزنبل عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني قال: نزلت على حي من فهم إخوة بني عدوان من قيس، فسألتهم عن خبر تأبط شرا، فقال لي بعضهم: وما سؤالك عنه، أتريد أن تكون لصا؟ قلت: لا، ولكن أريد أن أعرف أخبار هؤلاء العدّائين، فأتحدّث بها، فقالوا: نحدثك بخبره: إن تأبط شرا كان أعدى ذي رجلين(١) وذي ساقين وذى عينين، وكان إذا جاع لم تقم له قائمة، فكان ينظر إلى الظَّباء فينتقي على نظره أسمنها، ثم يجري خلفه فلا يفوته، حتى يأخذه، فيذبحه بسيفه، ثم يشويه فيأكله.
  يصف غولا افترسها
  : وإنما سمّي تأبط شرا لأنه - فيما حكي لنا - لقي الغول في ليلة ظلماء في موضع يقال له رحى بطسان(٢) في بلاد هذيل، فأخذت عليه الطَّريق فلم يزل بها، حتى / قتلها، وبات عليها فلمّا أصبح حملها تحت إبطه وجاء بها إلى أصحابه، فقالوا له: لقد تأبّطت شرّا، فقال في ذلك:
  تأبّط شرّا ثم راح أو اغتدى ... يوائم غنما أو يشيف على ذحل
  - يوائم: يوافق، ويشيف: يقتدر. وقال أيضا في ذلك:
  ألا من مبلغ فتيان فهم ... بما لا قيت عند رحى بطان(٣)
  وأنّي قد لقيت الغول تهوي ... بسهب كالصحيفة صحصحان(٤)
  فقلت لها: كلانا نضو أين(٥) ... أخو سفر فخلَّي لي مكاني
  فشدّت شدّة نحوي فأهوى ... لها كفّي بمصقول يماني
  فأضربها بلا دهش فخرّت ... صريعا لليدين وللجران(٦)
  فقالت: عد، فقلت لها: رويدا ... مكانك إنني ثبت الجنان
  فلم أنفكّ متّكئا عليها ... لأنظر مصبحا ماذا أتاني(٧)
  إذا عينان في رأس قبيح ... كرأس الهرّ مشقوق اللَّسان
  وساقا مخدج وشواة كلب ... وثوب من عباء أو شنان(٨)
  لم لا تنهشه الحيات؟
  أخبرنا الحسين بن يحيى: قال: قرأت على حمّاد: وحدثك أبوك عن حمزة بن عتبة اللَّهبي: قال:
  / قيل لتأبط شرّا: هذه الرجال غلبتها، فكيف لا تنهشك الحيّات في سراك؟ فقال: إني لأسرى البردين. يعني أول اللَّيل، لأنها تمور خارجة من حجرتها، وآخر الليل تمور مقبلة إليها.
(١) ف، هد: «ذي كعبين».
(٢) ف، هد: «رحى بطان».
(٣) فهم: قبيلة الشاعر، وحي بطان: اسم موضع. وفي «المختار»: ... فتيان قومي».
(٤) السهب: الفلاة. والصحصحان: ما استوى من الأرض.
(٥) «المختار»: «نضورهن».
(٦) ف: «بلا جزع». والدهش: التحير. والجران: مقدم العنق.
(٧) مو: «ما ذا دهاني».
(٨) أخدجت الناقة: ألقت ولدها لغير تمام، والشواء: قحف الرأس، والشنان. جمع شن، وهو القربة البالية.