كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار تأبط شرا ونسبه

صفحة 97 - الجزء 21

  غارته على مراد

  : قال: وخرج تأبط شرّا يوما يريد الغارة، فلقي لمراد فأطرده، ونذرت به مراد، فخرجوا في طلبه، فسبقهم إلى قومه، وقال في ذلك:

  إذا لا قيت يوم الصّدق فأربع ... عليه ولا يهمّك يوم سوّ

  على أنّي بسرح بني مراد ... شجوتهم سباقا أيّ شجو

  وآخر مثله لا عيب فيه ... بصرت به ليوم غير زوّ⁣(⁣١)

  خفضت بساحة تجري علينا ... أباريق الكرامة يوم لهو⁣(⁣٢)

  مع غلام من خثعم

  : أغار تأبط شرّا وحده على خثعم، فبينا هو يطوف إذ مرّ بغلام يتصيّد الأرانب، معه قوسه ونبله، فلما رآه تأبط شرّا أهوى ليأخذه، فرماه الغلام فأصاب يده اليسرى، وضربه تأبط شرّا فقتله، وقال⁣(⁣٣) في ذلك:

  وكادت وبيت اللَّه أطناب ثابت ... تقوّض عن ليلى وتبكي النّوائح

  تمنّى فتى منّا يلاقى ولم يكد ... غلام نمته المحصنات الصّرائح⁣(⁣٤)

  / غلام نمى فوق الخماسيّ قدره ... ودون الذي قد ترتجيه النّوّاكح⁣(⁣٥)

  فإن تك نالته خطاطيف كفّه ... بأبيض قصّال نمى وهو فادح⁣(⁣٦)

  فقد شد في إحدى يديه كنانه ... يداوى لها في أسود القلب قادح⁣(⁣٧)

  - هذه الأبيات أن تكون لقوم المقتول أشبه منها بتأبط شرّا -.

  قالوا لها لا تنكحية

  : / قال: وخطب تأبط شرّا امرأة من هذيل من بني سهم فقال لها قائل: لا تنكحيه، فإنه لأول نصل غدا يفقد⁣(⁣٨) فقال تأبط شرّا:

  وقالوا لها: لا تنكحية فإنّه ... لأول نصل أن يلاقي مجمعا⁣(⁣٩)


(١) الزو: القرينان: يريد أنه يوم لا مثيل له.

(٢) ف، هد:

«خفضت بجأشه»

وخفض: من الخفض بمعنى الدعة، وضمير ساحة يعود على السرح الآخر في البيت قبله. والكرامة:

غطاء رأس الحب، وكأنه استعار الحب لدنّ الخمر ونحوه.

(٣) عقب في بعض الأصول على هذه الأبيات بأنها لشاعر من قوم الغلام، وهو الصواب.

(٤) ف:

«تمنى فتى منا فلاقى ومل يكد ... غلاما ...

إلخ. والصرائح: الخالصات النسب.

(٥) الخماسي: الغلام طوله خمسة أشبار، ودون الذي قد ترتجيه النواكح: لم يبلغ مبلغ الزواج.

(٦) الخطاطيف: جمع خطاف، وهو الحديدة الحجناء، وضمير كفه يعود على تأبط شرا، والقصال، السيف القاطع، وهذا البيت من هد، وهج.

(٧) ف، هد:

«فقد شد في إحدى يديه حرابه»

بدل «كنانة» وفي هد: «يداوى لها» بدل «تداوى». والكنانة: جعبة السهام، وقادح: صفة جرح محذوف، يريد أن أسهم الغلام تحدث جراحا عميقة في سويداء القلوب.

(٨) لأول نصل غدا يفقد: معرض للموت في كل لحظة.

(٩) لأول نصل، أي يموت لأول ضربة سيف، والمصدر المؤول بدل من نصل أي يموت لأول لقائه جمعا من المغبرين.