كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار تأبط شرا ونسبه

صفحة 100 - الجزء 21

  تتعتعت حضني حاجز وصحابه ... وقد نبذوا خلقانهم وتشنّعوا⁣(⁣١)

  أظن وأن صادفت وعثا وأن جرى ... بي السّهل أو متن من الأرض مهيع⁣(⁣٢)

  أجاري ظلال الطير لو فات واحد ... ولو صدقوا قالوا له هو أسرع⁣(⁣٣)

  فلو كان من فتيان قيس وخندف ... أطاف به القنّاص من حيث أفزعوا⁣(⁣٤)

  وجاب بلادا نصف يوم وليلة ... لآب إليهم وهو أشوس أروع⁣(⁣٥)

  فلو كان منكم واحد لكفيته ... وما ارتجعوا لو كان في القوم مطمع⁣(⁣٦)

  / فأجابه حاجز:

  فإن تك جاريت الظلال فربما ... سبقت ويوم القرن عريان أسنع⁣(⁣٧)

  وخلَّيت إخوان الصفاء كأنهم ... ذبائح عنز أو فحيل مصرّع⁣(⁣٨)

  تبكيّهم شجو الحمامة بعد ما ... أرحت ولم ترفع لهم منك إصبع⁣(⁣٩)

  فهذي ثلاث قد حويت نجاتها ... وإن تنج أخرى فهي عندك أربع

  خير أيامه

  : أخبرني⁣(⁣١٠) عمّي قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال ذكر عليّ بن محمد المدائنيّ، عن ابن دأب قال:

  سئل تأبط شرّا: أيّ يوم مرّ بك خير؟ قال: خرجت حتى كنت في بلاد بجيلة، أضاءت لي النار رجلا جالسا إلى امرأة. فعمدت إلى سيفي فدفنته قريبا، ثم أقبلت حتى استأنست، فنبحني الكلب، فقال: ما هذا؟ فقلت:

  بائس. فقال: ادنه، فدنوت، فإذا رجل جلحاب آدم⁣(⁣١١)، وإذا أضوى⁣(⁣١٢) الناس إلى جانبه، فشكوت إليه الجوع


(١) الحضن: ما دون الإبط إلى الكشح، يريد أنه كد أحضان حاجز ورفاقه من الجري خلفه، والخلقان: ما بلي من الثياب، وشنع الخرقة: شعثها، أي أنهم تخففوا من بعض ثيابهم، وشعثوا ما بقي لها من طول الجري.

(٢) الوعثاء: الطريق يصعب سلوكه، والمهيع عكسه، يصف نفسه بسرعة العدو، فيقول: إنه حين يعدو يظن أن الأرض تجري به، وإن كانت طرقها ملتوية على السالك.

(٣) في ف «ولو صدقوا قالوا بلى أنت أسرع» يريد أنه يسبق الطير.

(٤ - ٥) ضمير كان يعود على حاجز، وأفزعوا «بالبناء للمجهول»، وجملة أطاف ... إلخ حال من اسم كان، لآب جواب لو، أشوس هنا بمعنى ينظر بمؤخر عينه غيظا، وأروع هنا من الروع بمعنى الفزع أي لو كان حاجز من بجيلة، وخندف، ومعه لفيف من القناصة الفزعين، وجروا وراءه مدة طويلة لآب إلى قبيلته بالفشل.

(٦) يريد لو كان من يطلبني واحدا لظفرت به، ولو كان لمن تبعوه مطمع فيه ما رجعوا بالخيبة.

(٧) القرن: القرين المنافس، عريان: صحو لا غيم فيه، أسنع: أفضل، يقول: إن تك عداء تسبق الظلال فربما سبقك القرن في يوم جميل موات.

(٨) الفحيل: فحل الإبل إذا كان كريما.

(٩) شجو مفعول مطلق لفعل محذوف، أي وأنت تشججو شجو الحمامة، أرحت: عدت إلى حيك، ولم ترفع لهم منك إصبع: لم تحاول الدفاع عنهم.

(١٠) من أول هذا الخبر إلى آخر الترجمة ساقط من نسخة ب ولكنه مثبت في ف وبعض الأصول.

(١١) جلحاب: ضخم، آدم: أسمر.

(١٢) أضوى: من الضوى، بمعنى دقة العظم وقلة اللحم، كأنه يصفها بالرشاقة وعدم الترهل. وربما كانت محرفة عن أضوا من الضوء.