كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار تأبط شرا ونسبه

صفحة 101 - الجزء 21

  والحاجة، فقال: اكشف تلك القصعة، فأتيت قصعة إلى جنب إبله، فإذا فيها تمر ولبن، فأكلت منه حتى شبعت، ثم خررت متناوما، فو اللَّه ما شئت أن أضطجع حتى اضطجع هو ورفع رجله على رجله، ثم اندفع يغنّي وهو يقول:

  /

  خير اللَّيالي إن سألت بليلة ... ليل بخيمة بين بيش وعثّر⁣(⁣١)

  لضجيع آنسة كأنّ حديثها ... شهد يشاب بمزجة من عنبر

  وضجيع لاهية ألاعب مثلها ... بيضاء واضحة كظيظ المئزر⁣(⁣٢)

  ولأنت مثلهما وخير منهما ... بعد الرّقاد وقبل أن لم تسحري⁣(⁣٣)

  قال: ثم انحرف فنام، ومالت فنامت: فقلت: ما رأيت كاللَّيلة في الغرّة، فإذا عشر عشراوات⁣(⁣٤) بين أثلاث⁣(⁣٥) فيها عبد واحد وأمة، فوثبت فانتضيت سيفي، وانتحيت للعبد فقتلته وهو نائم، ثم انحرفت إلى الرجل فوضعت سيفي على كبده حتى أخرجته من صلبه، ثم ضربت فخذ المرأة فجلست، فلما رأته مقتولا جزعت، فقلت: لا تخافي، أنا خير لك منه. قال: وقمت إلى جلّ متاعها فرحلته على بعض الإبل أنا والأمة فما حللت عقده حتى نزلت بصعدة بني عوف بن فهر. وأعرست بالمرأة هناك وحين اضطجعت فتحت عقيرتي وغنّيت:

  بحليلة البجليّ بت من ليلها ... بين الإزار وكشحها ثم الصق⁣(⁣٦)

  بأنيسة طويت على مطويّها ... طيّ الحمالة أو كطَّي المنطق⁣(⁣٧)

  / فإذا تقوم فصعدة في رملة ... لبدت بريّق ديمة لم تغدق⁣(⁣٨)

  وإذا تجيء تجئ شحب خلفها ... كالأيم أصعد في كثيب يرتقي⁣(⁣٩)

  كذب الكواهن والسّواحر والهنا ... أن لا وفاء لعاجز لا يتّقي⁣(⁣١٠)

  قال: فهذا خير يوم لقيته.


(١) خيمة، بيش، عثر: أماكن، وفي «المختار»:

... أن أبيت بليلة»

بدل

«أن سألت بليلة»

(٢) كظيظ: من الكظة، وهي امتلاء البطن، يصفها بضخامة العجز، وهي غير صاحبته الضاوية.

(٣) الإسحار: الدخول في السحر، يفضل صاحبته الضاوية على من ذكرهما في البيتين السابقين. عند المضاجعة بعد الرقاد، وقبل السحر.

(٤) عشراوات: جمع عشراء، وهي من مضى على حملها عشرة أشهر من النوق.

(٥) الأثلاث: جمع أثلة: شجر معروف.

(٦) في «المختار»:

... بت بليلة»

بدل

«بت من ليلها»

(٧) الحمالة: حمالة السيف التي تتصل بجرابه، والمنطق: ما يتمنطق به، يريد أنها مجدولة جدل هاتين. وفي «المختار»: «طويت على أقرابها» بدل «على مطويها».

(٨) الصعدة: القناة المستوية، كناية عن حسن القوام. لبدت: تلبدت.

الديمة: السحابة لم تغدق: لم يكن مطرها غزيرا، يصفها بالترنح في مشيتها، كأنها تمشي على أرض تلبدت بمطر خفيف.

(٩) الشحب: العمود، كأنه يريد خيالها. وفي هج: «وإذا تجيء أتت بنجد خلفها» كأنه يصفها بضخامة العجز، والأيم: الحية الأبيض اللطيف النظر، وفي «المختار»:

... تجي بجيد خلفها»

(١٠) كذا في معظم الأصول. وفي هج: «أن لا وقاء» بدل «أن لا وفاء». ونرجح أن «الهنا» محرف «النهي» والمعنى على ذلك أن العاجز الذي لا يحتاط قد تكتب له السلامة ... والمقصود بالبيت تحبيذ المغامرات التي يخوضها. وفي «المختار»

«زعم الكواهن والسواحر والرقا»