كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار تأبط شرا ونسبه

صفحة 104 - الجزء 21

  وظل رعاع المتن من وقع حاجز ... يخرّ ولو نهنهت غير قليل⁣(⁣١)

  لأبت كما آبا ولو كنت قارنا ... لجئت وما مالكت طول ذميلي⁣(⁣٢)

  / فسرّك ندماناك لمّا تتابعا ... وأنّك لم ترجع بعوص قتيل⁣(⁣٣)

  ستأتي إلى فهم غنيمة خلسة ... وفي الأزد نوح ويلة بعويل

  فقال حاجز بن أبيّ الأزدي يجيبه:

  سألت فلم تكلَّمني الرّسوم

  وهي في أشعار الأزد.

  فأجابه تأبّط شرّا:

  لقد قال الخليّ وقال خلسا ... بظهر الليل شدّ به العكوم⁣(⁣٤)

  لطيف من سعاد عناك منها ... مراعاة النّجوم ومن يهيم⁣(⁣٥)

  وتلك لئن عنيت بها رداح ... من النّسوان منطقها رخيم⁣(⁣٦)

  نياق القرط غرّاء الثّنايا ... وريداء الشّباب ونعم خيم⁣(⁣٧)

  ولكن فات صاحب بطن رهو ... وصاحبه فأنت به زعيم⁣(⁣٨)

  أؤاخذ خطَّة فيها سواء ... أبيت وليل واترها نؤوم⁣(⁣٩)

  / ثأرت به وما اقترفت يداه ... فظلّ لها بنا يوم غشوم⁣(⁣١٠)

  نحزّ رقابهم حتى نزعنا ... وأنف الموت منخره رميم⁣(⁣١١)


وفي هد، هج:

«عليه بريان الفؤاد أسيل»

(١ - ٢) الرعاع: من لا فؤاد له، وحاجز اسم رجل: نهنهت: زجرت نفسك عن الفرار.

القارن: حامل النيل أو السيف، والذميل: نوع من السير: يقول: وظل الجبان بعد أن خر حاجز يقع من الخوف، ولو أنك نهنهت نفسك عن الفرار للحقت بزميليك، ولو كنت ذا سيف أو نبل لثبت، ولم تلجأ إلى الجري. وفي «المختار»:

«ولو نهنهت سوق قليل»

وكذا في هج.

(٣) العوص: الشدة أو الداهية ونحوها. يقول: سرك صاحباك حينما صرعا، ولم تصرع مثلهما. وفي «المختار»:

«وأنك لم ترجع بعرض قتيل»

(٤ - ٥) خلسا: خلسة وخفية، العكوم: ما تشد به الرحال، أي قال الخلي خفية لطيف سعاد في ليل شدت به الرحال: قال عنك: إنك من هواها تراقب النجوم سهرا وتتفكر في العشق والعاشقين.

(٦) الرداح: الممتلئة الجسم، المنطق الرخيم: اللين.

(٧) النياق: جمع ناقة، والمراد هنا بها كواكب مصطفة على هيئة الناقة؛ يشبه قرطها بالكواكب، غراء الثنايا: بيضاء الأسنان، وريداء الشباب: كذا في الأصول، وهو مصغر ورداء، ولم نجد ورداء في اللغة، فلعلها رويداء من قولهم: رويداء، بمعنى ترفق، أي رقيقة الشباب، الخيم: الصفات، أي نعمت صفاتها، وفاعل نعم هنا غير جار على الأصول النحوية المعروفة.

(٨) انتقال من الغزل إلى الملاحاة، ولعله يريد بصاحبي بطن رهط من صرعهما، ويقول لمن يلاحيه: أنت بهما زعيم أي كفيل.

(٩) يريد أنه يأخذ بخطة مستوية في الأخذ بالثأر، يبيت من أجلها يقظان، ويبيت الواتر عنها نائما.

(١٠) ضمير به يعود على قتيل يقصده، وما اقترفت يداه أي لم يدفع عن نفسه، وضمير لها يعود على الخطة، واليوم الغشوم: الظلوم لكثرة من مات فيه.

(١١) رميم: بال، وهو كناية عن أن الموت كان طوع أيديهم، لا يستعصى عليهم.