كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار تأبط شرا ونسبه

صفحة 107 - الجزء 21

  إن ثبت فلم يدخل فهم مجيزون، وإن دخل فهو الطلب، فلم يلبث أن سمع الحسّ يدخل، فقال مرّة: هلكنا، ووضع تأبط شرّا يده على عضد مرّة، فإذا هي ترعد، فقال: ما أرعدت عضدك إلا من قبل أمك الوابشية⁣(⁣١) من هذيل، خذ بظهري، فإن نجوت نجوت، وإن قتلت وقيتك. فلما دنا القوم أخذ مرّة بظهر تأبط، وحمل تأبط فقتل رجلا، ورموه بسهم فأعلقوه فيه؛ وأفلتا جميعا بأنفسهما، فلما أمنا وكان من آخر الليل، قال مرّة: ما رأيت كاليوم غنيمة أخذت على حين أشرفنا على أهلنا، وعض⁣(⁣٢) مرّة عضده، وكان الحي الذين أغاروا عليهم بجيلة، وأتى تأبّط امرأته، فلما رأيت جراحته ولولت، فقال تأبّط في ذلك:

  وبالشّعب إذ سدّت بجيلة فجّه ... ومن خلفه هضب صغار وجامل⁣(⁣٣)

  شددت لنفس المرء مرّة حزمه ... وقد نصبت دون النّجاء الحبائل⁣(⁣٤)

  وقلت له: كن خلف ظهري فإنني ... سأفديك وانظر بعد ما أنت فاعل⁣(⁣٥)

  / فعاذ بحدّ السيف صاحب أمرهم ... وخلَّوا عن الشيء الذي لم يحاولوا⁣(⁣٦)

  وأخطأهم قتلي ورفّعت صاحبي ... على الليل لم تؤخذ عليه المخاتل⁣(⁣٧)

  واخطأ غنم الحيّ مرّة بعد ما ... حوته إليه كفّه والأنامل

  يعض على أطرافه كيف زوله ... ودون الملا سهل من الأرض ماثل⁣(⁣٨)

  فقلت له: هذي بتلك وقد يرى ... لها ثمنا من نفسه ما يزاول⁣(⁣٩)

  تولول سعدى أن أتيت مجرّحا ... إليها وقد منّت عليّ المقاتل⁣(⁣١٠)

  وكائن أتاها هاربا قبل هذه ... ومن غانم فأين منك الولاول⁣(⁣١١)

  يثبت مع قلة من أصحابه فيظفرون

  : فلما انقضت الأشهر الحرم خرج تأبط والمسيّت بن كلاب في ستة نفر يريدون الغارة على بجيلة، والأخذ بثأر صاحبيهم عمرو بن كلاب وسعد بن الأشرس. فخرج تأبط والمسيّب بن كلاب وعامر بن الأخنس وعمرو بن برّاق


(١) في هج: «الوالبية» بدل «الوابشية»، وفي هد «الوانسية». وفي «المختار»: «الوائلية».

(٢) في هد: «وعصر عضده».

(٣) الجامل: الجمال، وفي «المختار»

«هضب طوال وجامل»

(٤) في «المختار»:

«شددت لأنجي المرء مرة عزمة»

(٥) في «المختار»:

«ما أنا فاعل»

(٦) يريد أنهم استنقذوا السلب، وجرحوه، واكتفوا بذلك، ولم يطلبوا ما لا سبيل إليه.

(٧) المخاتل: المخادعات، يعني لم يحيطوا بصاحبه، ولم يؤذوه، وفي بعض الأصول: على بدل عليه. وفي «المختار»: ...

ونجيت صاحبي «بدل» ورفعت صاحبي.

(٨) الزول: مصدر زال بمعنى ذهب، والملا: السير الشديد، أي كيف يذهب الغنم منه، وقد كان هناك مجال للفرار؟ والضمير في زوله يعود على الغنم. وفي «المختار»: «كيف فاته».

(٩) هذي بتلك: نجاتك بخسران الغنيمة، فاعل يرى ضمير صاحبه، والضمير في لها يعود على الغنيمة أي وقد يرى صاحبي للغنيمة من نفسه غنا، لا يزاول بمعنى لا يحاول، ولا يقدر.

(١٠) منت على المقاتل: أخطأتني المقاتل، ومنت على بالحياة.

(١١) يريد: كم عاد إليها قبل اليوم هاربا من الموت، أو ظافرا فأبعدي عنك الولولة والنواح.