كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار تأبط شرا ونسبه

صفحة 108 - الجزء 21

  ومرّة بن خليف والشّنفري بن مالك، والسّمع وكعب حدا رابنا جابر أخوا تأبّط. فمضوا حتى أغاروا على العوص، فقتلوا منهم ثلاثة نفر: فارسين وراجلا، وأطردوا لهم إبلا، وأخذوا منهم⁣(⁣١) امرأتين، فمضوا بما غنموا، حتى إذا كانوا على يوم وليلة من قومهم عرضت لهم خثعم في نحو من أربعين رجلا، فيهم أبيّ بن جابر الخثعميّ، وهو رئيس / القوم، فقال تأبّط: يا قوم، لا تسلموا لهم ما في أيديكم حتى تبلوا عذرا، وقال عمر بن الأخنس: عليكم بصدق الضّراب وقد أدركتم بثأركم، وقال المسيّب: اصدقوا القوم الحملة، وإيّاكم والفشل، وقال عمرو بن برّاق:

  ابذلوا مهجكم ساعة، فإن النّصر عند الصّبر. وقال الشّنفري:

  نحن الصّعاليك الحماة البزّل ... إذا لقينا لا نرى نهلَّل⁣(⁣٢)

  وقال مرّة بن خليف:

  يا ثابت الخير ويا بن الأخنس ... ويا بن برّاق الكريم الأشوس⁣(⁣٣)

  والشّنفري عند حيود الأنفس ... أنا ابن حامي السّرب في المغمّس⁣(⁣٤) ... نحن مساعير الحروب الضّرّس⁣(⁣٥)

  وقال كعب حدار أخو تأبّط:

  يا قوم أمّا إذ لقيتم فاصبروا ... ولا تخيموا جزعا فتدبروا⁣(⁣٦)

  وقال السمع أخو تأبّط:

  يا قوم كونوا عندها أحرارا ... لا تسلموا العون ولا البكارا⁣(⁣٧)

  ولا القناعيس ولا العشارا ... لخثعم وقد دعوا غرارا⁣(⁣٨)

  ساقوهم الموت معا أحرارا ... وافتخروا الدّهر بها افتخارا

  / فلما سمع تأبط مقالتهم قال: بأبي أنتم وأمي، نعم الحماة إذا جدّ الجدّ، أما إذا أجمع رأيكم على قتال القوم فاحملوا ولا تتفرّقوا، فإن القوم أكثر منكم، فحملوا عليهم فقتلوا منهم، ثم كرّوا الثانية فقتلوا، ثم كرّوا الثالثة فقتلوا فانهزمت خثعم وتفرقت في رؤوس الجبال، ومضى تأبّط وأصحابه بما غنموا وأسلاب من قتلوا، فقال تأبّط من ذلك:

  جزى اللَّه فتيانا على العوص أشرقت ... سيوفهم تحت العجاجة بالدّم


(١) في س: «وأخذوا منهم أفراسا».

(٢) البزل: جمع بازل، وهو البعير طلع نابه، وذلك بعد ثمان سنين أو تسع. وفي هج، هد، ف «البسل».

(٣) منع براق من الصرف للضرورة، والأشوس: من ينظر بمؤخر عينه تكبرا.

(٤) المغمس: الأمر الشديد البالغ الشدة، ولعلها تحريف المخمس بمعنى الجيش الخميس.

(٥) الحروب الضرس: التي تطحن الأبطال بضرسها، وفي هد، ف: «نحن مساعير الزبون المضرس».

(٦) خام يخيم: نكص وجبن.

(٧) العون: جمع عوان، وهي من البقر والخيل التي نتجت بعد بطنها البكر.

(٨) القنعاس من الإبل: العظيم وجمعه قناعيس، والعشار جمع عشراء وهي الناقة الحامل في نحو ثمانية أو عشرة أشهر، وقد دعوا غرارا أي دعوا شفار سيوفهم.