كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار تأبط شرا ونسبه

صفحة 109 - الجزء 21

  الأبيات ...

  وقال الشّنفري في ذلك:

  دعيني وقولي بعد ما شئت إنني ... سيفدي بنفسي مرّة فأغيّب

  الأبيات ...

  وقال الشّنفري أيضا:

  ألا هل أتى عنّا سعاد ودونها ... مهامه بيد تعتلي بالصّعالك⁣(⁣١)

  بأنّا صبحنا القوم في حرّ دارهم ... حمام المنايا بالسّيوف البواتك⁣(⁣٢)

  قتلنا بعمرو منهم خير فارس ... يزيد وسعدا، وابن عوف بمالك⁣(⁣٣)

  ظللنا نفرّي بالسّيوف رؤوسهم ... ونرشقهم بالنّبل بين الدّكادك⁣(⁣٤)

  ينهزم أمام النساء

  : قال: وخرج تأبط في سريّة من قومه، فيهم عمرو بن برّاق، ومرّة بن خليف، والمسيّب بن كلاب، وعامر بن الأخنس، وهو رأس القوم، وكعب حدار، وريش كعب، والسّمع وشريس بنو جابر إخوة تأبط شرّا، وسعد ومالك ابنا الأقرع، حتى مروا ببني نفاثة بن الدّيل وهم يريدون الغارة عليهم، فباتوا في جبل مطلّ عليهم، فلما كان في وجه السحر أخذ عامر بن الأخنس قوسه، فوجد وترها مسترخيا، فجعل يوترها ويقول له تأبط: بعض حطيط وترك⁣(⁣٥) يا عامر، وسمعه شيخ من بني نفاثة، فقال لبنات له: أنصتن فهذه واللَّه غارة لبني ليث - وكان الذي بينهم يومئذ متفاقما في قتل حميصة بن قيس أخي بلعاء، وكانوا أصابوه خطأ - وكانت بنو نفاثة في غزوة والحيّ خلوف وليس عندهم غير أشياخ وغلمان لا طباخ⁣(⁣٦) بهم، فقالت امرأة منهم: اجهروا الكلام، والبسوا السّلاح، فإن لنا عدّة، فو اللات ما هم إلا تأبّط وأصحابه. فبرزن مع نوفل وأصحابه، فلما بصر بهم قال: انصرفوا فإن القوم قد نذروا بكم، فأبوا عليه إلا الغارة فسلّ تأبّط سيفه وقال: لئن أغرتم عليهم لأتّكئن على سيفي حتى أنفذه من ظهري، فانصرفوا ولا يحسبون إلا أن النساء رجال، حتى مروا بإبل البلعاء بن قيس بقرب المنازل فأطردوها، فلحقهم غلام من بني جندع بن ليث؟

  فقال: يا عامر بن الأخنس، أتهاب نساء بني نفاثة وتغير على رجال بني ليث؟ هذه واللَّه إبل لبلعاء بن قيس. فقال له عامر: أو كان رجالهم خلوفا؟ قال: نعم، قال: أقرئ بلعاء منّي السّلام، وأخبره بردّي إبله، وأعلمه أني قد حبست منها بكرا لأصحابي، فإنا قد أرملنا⁣(⁣٧)، فقال الغلام: لئن حبست منها هلبة⁣(⁣٨) لأعلمنّه، ولا أطرد منها بعيرا أبدا. فحمل عليه تأبّط فقتله، ومضوا بالإبل إلى قومهم؛ فقال في ذلك تأبط:


(١) مهامه: جمع مهمة، وهو المفازة البعيدة، أو البلد القفر.

(٢) في هد:

«في وسط دارهم»

، وفي ف:

«في عقر دارهم»

، والبواتك: القواطع.

(٣) أي قتلوا يزيد بعمرو وسعدا وابن عوف بمالك.

(٤) الدكادك: جمع دكدك، وهو ما غلظ من الأرض.

(٥) بعض حطيط وترك: خفض من صوت إيتار القوس خشية أن يسمعوه.

(٦) الطباخ: الإحكام والقوة.

(٧) أرمل القوم: نفذ زادهم.

(٨) الهلبة: شعرة من شعر الذئب.