أخبار الشنفري ونسبه
  فشدّوه وثاقا، ثم إنهم انطلقوا به إلى قومهم، فطرحوه وسطهم، فتماروا بينهم في قتله، فبعضهم يقول: أخوكم وابنكم، فلما رأى ذلك أحد بني حزام ضربة ضربة فقطع يده من الكوع، وكانت بها شامة سوداء، فقال الشنفري حين قطعت يده:
  لا تبعدي إمّا هلكت شامه ... فربّ خرق قطعت قتامه(١)
  وربّ قرن فصلت عظامه
  وقال تأبط شرّا يرثيه:
  لا يبعدنّ الشّنفري وسلاحه ال ... حديد وشدّ خطوه متواتر
  إذا راع روع الموت راع وإن حمى ... حمى معه حرّ كريم مصابر(٢)
  قال: وذرع(٣) خطو الشنفري ليلة قتل فوجد أول نزوة نزاها إحدى وعشرين / خطوة، ثم الثانية سبع عشرة خطوة.
  قال: وقال ظالم العامريّ في الشّنفري وغاراته على الأزد وعجزهم عنه، ويحمد أسيد بن جابر في قتله الشنفري:
  فما لكم لم تدركوا رجل شنفري ... وأنتم خفاف مثل أجنحة الغرب(٤)
  تعاديتم حتى إذا ما لحقتم ... تباطأ عنكم طالب وأبو سقب(٥)
  لعمرك للسّاعي أسيد بن جابر ... أحقّ بها منكم بني عقب الكلب(٦)
  قال: ولما قتل الشّنفري وطرح رأسه مرّ به رجل منهم فضرب جمجمة الشنفري بقدمه، فعقرت قدمه فمات منها، فتمّت به المائة.
  من شعر الشنفري
  : وكان مما قاله الشنفري فيهم من الشعر وفي لطمه المرأة التي أنكرته الذي(٧) ذكرته واستغنى عن إعادته مما تقدم ذكره من شعر الشنفري، وقال الشنفري في قتله حزاما قاتل أبيه:
  أرى أمّ عمرو أجمعت فاستقلَّت ... وما ودّعت جيرانها إذ تولَّت(٨)
  فقد سبقتنا أمّ عمرو بأمرها ... وقد كان أعناق المطيّ أظلَّت(٩)
(١) سبقت هذه الأبيات برواية أخرى.
(٢) تقدم هذان البيتان.
(٣) ذرع: قيس بالذراع.
(٤) الغرب: جمع غراب.
(٥) طالب وأبو سقب: رجلان - كما يبدو - كانا يعارضان في قتل الشنفري.
(٦) اللام من للساعي لام الابتداء، بني عقب الكلب: منادى.
(٧) الذي اسم كان من قوله: «وكان مما قاله الشنفري».
(٨) تقدم هذا البيت، وفي هد: «أزمعت» بدل «أجمعت» والمعنى لا يتغير.
(٩) أظلت: إظلال أعناق المطي كناية عن الرحيل.