كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الشنفري ونسبه

صفحة 122 - الجزء 21

  فشدّوه وثاقا، ثم إنهم انطلقوا به إلى قومهم، فطرحوه وسطهم، فتماروا بينهم في قتله، فبعضهم يقول: أخوكم وابنكم، فلما رأى ذلك أحد بني حزام ضربة ضربة فقطع يده من الكوع، وكانت بها شامة سوداء، فقال الشنفري حين قطعت يده:

  لا تبعدي إمّا هلكت شامه ... فربّ خرق قطعت قتامه⁣(⁣١)

  وربّ قرن فصلت عظامه

  وقال تأبط شرّا يرثيه:

  لا يبعدنّ الشّنفري وسلاحه ال ... حديد وشدّ خطوه متواتر

  إذا راع روع الموت راع وإن حمى ... حمى معه حرّ كريم مصابر⁣(⁣٢)

  قال: وذرع⁣(⁣٣) خطو الشنفري ليلة قتل فوجد أول نزوة نزاها إحدى وعشرين / خطوة، ثم الثانية سبع عشرة خطوة.

  قال: وقال ظالم العامريّ في الشّنفري وغاراته على الأزد وعجزهم عنه، ويحمد أسيد بن جابر في قتله الشنفري:

  فما لكم لم تدركوا رجل شنفري ... وأنتم خفاف مثل أجنحة الغرب⁣(⁣٤)

  تعاديتم حتى إذا ما لحقتم ... تباطأ عنكم طالب وأبو سقب⁣(⁣٥)

  لعمرك للسّاعي أسيد بن جابر ... أحقّ بها منكم بني عقب الكلب⁣(⁣٦)

  قال: ولما قتل الشّنفري وطرح رأسه مرّ به رجل منهم فضرب جمجمة الشنفري بقدمه، فعقرت قدمه فمات منها، فتمّت به المائة.

  من شعر الشنفري

  : وكان مما قاله الشنفري فيهم من الشعر وفي لطمه المرأة التي أنكرته الذي⁣(⁣٧) ذكرته واستغنى عن إعادته مما تقدم ذكره من شعر الشنفري، وقال الشنفري في قتله حزاما قاتل أبيه:

  أرى أمّ عمرو أجمعت فاستقلَّت ... وما ودّعت جيرانها إذ تولَّت⁣(⁣٨)

  فقد سبقتنا أمّ عمرو بأمرها ... وقد كان أعناق المطيّ أظلَّت⁣(⁣٩)


(١) سبقت هذه الأبيات برواية أخرى.

(٢) تقدم هذان البيتان.

(٣) ذرع: قيس بالذراع.

(٤) الغرب: جمع غراب.

(٥) طالب وأبو سقب: رجلان - كما يبدو - كانا يعارضان في قتل الشنفري.

(٦) اللام من للساعي لام الابتداء، بني عقب الكلب: منادى.

(٧) الذي اسم كان من قوله: «وكان مما قاله الشنفري».

(٨) تقدم هذا البيت، وفي هد: «أزمعت» بدل «أجمعت» والمعنى لا يتغير.

(٩) أظلت: إظلال أعناق المطي كناية عن الرحيل.