كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أبي خراش الهذلي وأخباره

صفحة 145 - الجزء 21

  مصمّما على عروة، وهو لا يعلم بموضع أبي خراش، فوثب عليه أبو خراش، فضربه على حبل عاتقه حتى بلغت الضّربة سحره⁣(⁣١)، وانهزمت ثمالة، ونجا أبو خراش وعروة. وقال أبو خراش يرثي أخاه ومن قتلته ثمالة وكنانة من أهله، وكان الأصمعيّ يفضّلها:

  فقدت بني لبنى فلما فقدتهم ... صبرت فلم أقطع عليهم أباجلي⁣(⁣٢)

  الأبجل: عرق في الرّجل.

  رماح من الخطَّيّ زرق نصالها ... حداد أعاليها شداد الأسافل

  فلهفي على عمرو بن مرّة لهفة ... ولهفي على ميت بقوسى المعاقل⁣(⁣٣)

  حسان الوجوه طيّب حجزاتهم ... كريم نثاهم غير لفّ معازل⁣(⁣٤)

  / قتلت قتيلا لا يحالف غدرة ... ولا سبّة لا زلت أسفل سافل⁣(⁣٥)

  وقد أمنوني واطمأنّت نفوسهم ... ولم يعلموا كلّ الذي هو داخلي

  فمن كان يرجو الصلح منيّ فإنه ... كأحمر عاد أو كليب بن وائل⁣(⁣٦)

  أصيبت هذيل بابن لبنى وجدّعت ... أنوفهم باللَّوذعيّ الحلاحل⁣(⁣٧)

  رأيت بني العلَّات لما تضافروا ... يحوزون سهمي دونهم بالشّمائل⁣(⁣٨)

  أخبار أخوته

  : قالوا: وأما أبو الأسود فقتلته فهم بياتا تحت الليل، وأما الأبحّ فكان شاعرا، فأمسى بدار بعرعر من ضيم، فذكر لسارية بن زنيم العبديّ أحد بني عبد بن عديّ بن الدّيل، فخرج بقوم من عشيرته يريده ومن معه، فوجدوهم قد ظعنوا. وكان بين بني عبد بن عدي بن الدّيل وبينهم حرب، فقال الأبحّ في ذلك:

  لعمرك ساري بن أبي زنيم ... لأنت بعرعر الثأر المنيم⁣(⁣٩)

  تركت بني معاوية بن صخر ... وأنت بمربع وهم بضيم⁣(⁣١٠)


(١) السحر: ما اتصل بالحلقوم من رئة وغيرها.

(٢) بني لبنى، يريد إخوته لأن اسم أمهم جميعا لبنى ما عدا سفيان.

(٣) يعني بقتيل قوسي أخاه عروة، كما مر.

(٤) حجزا جمع حجزة - بضم الحاء - وهي موضع التكة من السراويل، وذلك كناية عن العفاف، والنثا: الحديث، لف: جمع ألف، وهو الثقيل البطيء، أو ألفه العيي، المعازل: المجردون من السلاح.

(٥) قتلت قتيلا: الخطاب لقاتل أحد إخوته، وقوله:

«لا زلت أسفل سافل»

دعاء عليه.

(٦) يكنى بقوله:

«كأحمر عاد أو كليب بن وائل»

عن استبعاد الصلح واستحالة السلام.

(٧) اللوذعي: الخفيف الذكي، الحلاحل: السيد الشجاع، وجدعت أنوفهم كناية عن ذلهم واستكانتهم بعد موته.

(٨) بنو العلات: من أبوهم واحد وأمهاتهم مختلفة، ولعله يقصد بهم القبائل التي تضافرت عليه، وقتلت إخوته، يقول: إنهم حين تألبوا عليه لم تؤثر سهامه فيهم، بل تلقوها بأيديهم. الشمائل: كناية عن عدم الإصابة.

(٩) ساري: ترخيم سارية، عرعر: مكان، وقوله: «الثأر المنيم» يريد الثأر الذي إذا أدركه أهله ناموا واستراحوا، وفي ف

«لأنت بعرعر الثاوي المقيم»

ويبدو من السياق أن بني معاوية المشار إليهم في البيت التالي كانوا وتروا سارية، فخشيهم، ونام عن طلب الثأر.

(١٠) في هد «معاوية بن بكر» بدل «معاوية بن صخر»، ومربع، وضيم: مكانان متقاربان، يقول: تركتهم دون أن تثأر منهم، وهم عن كثب منك.