كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

صفحة 180 - الجزء 21

٢٠ - نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

  نسبه

  : الفرزدق لقب غلب عليه، وتفسيره الرغيف الضخم الذي يجفّفه النساء للفتوت، وقيل: بل هو القطعة من العجين التي تبسط، فيخبز منها الرغيف، شبّه وجهه بذلك؛ لأنه كان غليظا جهما. واسمه همّام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم.

  قال أبو عبيدة: اسم دارم بحر، واسم أبيه مالك عوف ويقال عرف. وسمّى دارم دارما لأن قوما أتوا أباه مالكا في حمالة⁣(⁣١) فقال له: قم يا بحر فأتني بالخريطة - يعني خريطة كان له فيها مال - فحملها يدرم عنها ثقلا، والدّرمان: تقارب الخطو، فقال لهم: جاءكم يدرم بها، فسمى دارما، وسمي أبوه مالك عرفا لجوده.

  وأم غالب ليلى بنت حابس بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع.

  وكان للفرزدق أخ يقال له هميم، ويلقب الأخطل، ليست له نباهة، فأعقب ابنا يقال له محمد، فمات والفرزدق حيّ فرثاه، وخبره يأتي بعد. وكان للفرزدق من الولد خبطة ولبطة وسبطة، هؤلاء المعروفون، وكان له غيرهم فماتوا، ولم يعرفوا. وكان له بنات خمس أو ست.

  وأم الفرزدق - فيما ذكر أبو عبيدة - لينة بنت قرظة الضبية.

  جده محيي الموؤدات

  : وكان يقال لصعصعة محي الموؤدات؛ وذلك أنه كان مر برجل من قومه، وهو يحفر بئرا، وامرأته تبكي، فقال لها صعصعة: ما يبكليك؟ قالت: يريد أن يئد ابنتي هذه، فقال له: ما حملك على هذا؟ قال: الفقر. قال:

  فإني اشتريها منك بناقتين يتبعهما أولادهما، تعيشون بألبانهما، ولا تئد الصبية، قال: قد فعلت، فأعطاه الناقتين وجملا كان تحته فحلا، وقال / في نفسه: إن هذه لمكرمة ما سبقني إليها أحد من العرب، فجعل على / نفسه ألَّا يسمع مموؤدة إلا فداها، فجاء الإسلام وقد فدى ثلاثمائة موؤودة، وقيل: أربعمائة.

  أخبرني بذلك هاشم بن محمد الخزاعي، عن دماذ، عن أبي عبيدة.

  وأخبرني بهذا الخبر محمد بن العباس اليزيديّ وعليّ بن سليمان الأخفش قالا: حدثنا أبو سعيد السكريّ، عن محمد بن حبيب، عن أبي عبيدة عن عقال بن شبة قال: قال صعصعة:

  خرجت باغيا ناقتين لي فارقتين - والفارق: التي تفرق إذا ضربها المخاض فتندّ على وجهها، حتى تنتج - فرفعت لي نار فسرت نحوها، وهممت بالنزول، فجعلت النار تضئ مرة، وتخبو أخرى، فلم تزل تفعل ذلك حتى قلت: اللهمّ لك عليّ إن بلَّغتني هذه النار ألَّا أجد أهلها يوقدون لكربة يقدر أحد من الناس أن يفرّجها إلا


(١) الحمالة: الغرامة يحملها قوم عن قوم أو الدية.