كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

صفحة 182 - الجزء 21

  فقالت: أجرلي ما ولدت فإنني ... أتيتك من هزلى الحمولة مقتر⁣(⁣١)

  / هجفّ من العثو الرؤوس إذا بدت ... له ابنة عام يحطم العظم منكر⁣(⁣٢)

  رأس الأرض منها راحة فرمى بها ... إلى خدد منها إلى شرّ مخفر⁣(⁣٣)

  فقال لها: فيئي فإني بذمتي ... لبنتك جار من أبيها القنوّر⁣(⁣٤)

  إسلام أبيه على يد الرسول

  : ووفد غالب بن صعصعة إلى النبي (⁣٥) فأسلم وقد كان وفده أبوه صعصعة إلى النبي (⁣٥) فأخبره بفعله في الموؤدات، فاستحسنه وسأله: هل له في ذلك من أجر؟ قال: نعم فأسلم وعمّر غالب، حتى لحق أمير المؤمنين عليّا ~ بالبصرة، وأدخل إليه الفرزدق، وأظنه مات في إمارة زياد وملك معاوية.

  أخبرني محمد بن الحسين الكنديّ وهاشم بن محمد الخزاعيّ، وعبد العزيز بن أحمد عم أبي قالوا: حدثنا الرّياشيّ قال: حدثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية، قال: حدثني عقال بن كسيب أبو الخنساء العنبريّ، قال: حدثني الطفيل بن عمرو الربعيّ، عن ربيعة بن مالك بن حنظلة، عن صعصعة بن ناجية المجاشعيّ جدّ الفرزدق قال:

  قدمت على النبي ، فعرض عليّ الإسلام، فأسلمت، وعلَّمني آيات من القرآن، فقلت: يا رسول اللَّه إني عملت أعمالا في الجاهلية هل لي فيها من أجر؟ فقال: وما عملت؟ فقلت: إني أضللت ناقتين لي عشراوين، فخرجت أبغيهما على جمل، فرفع لي بيتان في فضاء من الأرض، فقصدت قصدهما، فوجدت في أحدهما شيخا كبيرا، فقلت له: هل أحسست من ناقتين عشراوين؟ قال: وما نارهما؟ - يعني السّمة - فقلت: ميسم بني دارم، فقال: قد أصبت ناقتيك ونتجناهما، وظأرتا⁣(⁣٦) على أولادهما / ونعش اللَّه بهما أهل بيت من قومك من العرب من مضر، فبينا هو يخاطبني إذ نادته امرأة من البيت الآخر: قد ولدت، فقال: وما ولدت؟ إن كان غلاما فقد شركنا في قوتنا، وإن كانت جارية فادفنوها، فقالت: هي جارية: أفأئدها؟ فقلت: وما هذا المولود؟ قالت: بنت لي، فقلت:

  إني أشتريها منك، فقال: يا أخا بني تميم، أتقول لي: أتبيعني ابنتك وقد أخبرتك أني من العرب من مضر؟ فقلت:

  إني لا أشتري منك رقبتها، إنما أشتري دمها لئلا تقتلها، فقال: وبم تشتريها؟ فقلت: بناقتيّ هاتين وولديهما. قال:

  لا حتى تزيدني هذا البعير الذي تركبه: قلت: نعم، على أن ترسل معي رسولا فإذا بلغت أهلي رددت إليك البعير⁣(⁣٧) ففعل، فلما بلغت أهلي رددت إليه البعير⁣(⁣٧)، فلما كان في بعض الليل فكرت في نفسي فقلت: إن هذه مكرمة ما سبقني إليها أحد من العرب، فظهر الإسلام وقد أحييت ثلاثمائة وستين موؤودة، أشتري كلّ واحدة منهن


(١) هزلي الحمولة: من هزل الرجل إذا ماتت ماشيته، مقتر: فقير مقل.

(٢) هذا البيت من هج، هد، ساقط من ب، الهجف: الجافي الغليظ، العثو: جمع أعثى، وهو الأشعر، منكر: صفة لهجف.

(٣) منها: من الطفلة، خدد: شقوق.

(٤) فيئي: ارجعي واطمئني: القنور: الشرس الخلق، وفي هج:

فقال لها فيئي إليك فإنني ... لبنتك جار من أبيها القنور

(٥ - ٥) التكملة من هد.

(٦) ظأرتا: عطفتا.

(٧ - ٧) التكملة من هد، هج.