كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

صفحة 185 - الجزء 21

  عريق في قرض الشعر

  : قال محمد بن يحيى: فقد صح لنا أن الفرزدق كان شاعرا موصوفا أربعا وسبعين سنة، وندع ما قبل ذلك، لأن مجيئة به بعد الجمل - على الاستظهار - كان في سنة ست وثلاثين، وتوفي الفرزدق في سنة عشر ومائة في أول خلافة هشام هو وجرير والحسن البصريّ وابن سيرين في ستة أشهر، وحكي ذلك عن جماعة، منهم الغلابيّ عن ابن عائشة عن أبيه.

  أخبرني محمد بن يحيى الصوليّ عن الغلابي، عن ابن عائشة أيضا، عن أبيه قال: قال الفرزدق أيضا:

  كنت أجيد الهجاء في أيام عثمان، قال: ومات غالب أبو الفرزدق في أول أيام معاوية ودفن بكاظمة فقال الفرزدق يرثيه:

  لقد ضمّت الأكفان من آل دارم ... فتى فائض الكفّين محض الضّرائب⁣(⁣١)

  أيهما أشعر، هو أو جرير؟

  : أخبرني حبيب المهلبيّ قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدثني محمد بن عمران الضبيّ، قال: حدثني جعفر بن محمد العنبريّ، عن خالد بن أم كلثوم، قال:

  قيل للمفضل الضبي: الفرزدق أشعر أم جرير؟ قال الفرزدق: قال: قلت: ولم؟ قال: لأنه قال بيتا هجا فيه قبيلتين ومدح فيه قبيلتين⁣(⁣٢) وأحسن في ذلك⁣(⁣٢) فقال:

  عجبت لعجل إذ تهاجي عبيدها ... كما آل يربوع هجوا آل دارم⁣(⁣٣)

  فقيل له: قد قال جرير:

  إنّ الفرزدق والبعيث وأمّه ... وأبا البعيث لشرّ ما إستار⁣(⁣٤)

  فقال: وأيّ شيء أهون من أن يقول إنسان: فلان وفلان وفلان والناس كلهم بنو الفاعلة!.

  أخبرني عبد اللَّه بن مالك، قال: حدثنا محمد بن حبيب، قال: حدثني موسى بن طلحة، قال: قال أبو عبيدة معمر بن المثنّى:

  كان الشعراء في الجاهلية من قيس، وليس في الإسلام مثل حظَّ تميم في الشعر، وأشعر تميم جرير والفرزدق⁣(⁣٥)، ومن بني تغلب الأخطل⁣(⁣٥).

  قال يونس بن حبيب: ما ذكر جرير والفرزدق في مجلس شهدته قط فاتّفق المجلس على أحدهما، قال: وكان يونس فرزدقيّا.


(١) محض: خالص، الضرائب: جمع ضريبة بمعنى الطبيعة والسجية، يقول: إن سجايا أبيه وطبائعه خالصة مما يشينها.

(٢ - ٢) التكملة من هد، هج.

(٣) القبيلتان الممدوحتان: عجل ودارم، والقبيلتان المهجوتان: يربوع والقبيلة التي عبر عنها بقوله: عبيدها.

(٤) إستار: لفظ معرب بمعنى أربعة.

(٥ - ٥) التكملة من هد.