نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته
  يغتصب بيتين لابن ميادة
  : أخبرني عمي، عن محمد بن رستم الطبريّ، عن أبي عثمان المازنيّ قال:
  مر الفرزدق / بابن ميّادة(١) الرمّاح والناس حوله(١) وهو ينشد:
  /
  لو أنّ جميع الناس كانوا بربوة ... وجئت بجدّي ظالم وابن ظالم
  لظلَّت رقاب الناس خاضعة لنا ... سجودا على أقدامنا بالجماجم
  فسمعه الفرزدق، فقال: أما واللَّه يا بن الفارسية لتدعنّه لي أو لأنبشنّ أمّك من قبرها، فقال له ابن ميادة: خذه لا بارك اللَّه لك فيه، فقال الفرزدق:
  لو أنّ جميع النّاس كانوا بربوة ... وجئت بجدّي دارم وابن دارم
  لظلَّت رقاب الناس خاضعة لنا ... سجودا على أقدامنا بالجماجم
  عود إليه هو وجرير
  : أخبرني عمي، عن الكرانيّ، عن أبي فراس الهيثم بن فراس، قال: حدثني ورقة بن معروف، عن حماد الرواية قال:
  دخل جرير والفرزدق على يزيد بن عبد الملك وعنده بنيّة له يشمّها فقال جرير: ما هذه يا أمير المؤمنين عندك؟ قال: بنيّة لي، قال: بارك اللَّه لأمير المؤمنين فيها. فقال الفرزدق: إن يكن دارم يضرب(٢) فيها فهي أكرم العرب، ثم أقبل يزيد على جرير فقال: مالك والفرزدق؟ قال: إنه يظلمني ويبغي عليّ، فقال الفرزدق: وجدت آبائي يظلمون آباءه فسرت فيه بسيرتهم، قال جرير: وأما واللَّه(٣) لتردّنّ الكبائر على أسافلها سائر اليوم، فقال الفرزدق: أمّا بك يا حمار بني كليب فلا، ولكن إن شاء صاحب السرير، فلا واللَّه ما لي كفء غيره، فجعل يزيد يضحك.
  أخبرنا عبد اللَّه بن مالك، عن محمد بن حبيب، عن ابن الأعرابيّ، عن حماد الرواية قال:
  أنشدني الفرزدق يوما شعرا له ثم قال لي: أتيت الكلب - يعني جريرا - قلت: نعم، قال: أفأنا أشعر أم هو؟
  قلت: أنت في بعض وهو في بعض، قال: لم تناصحني، / قال: قلت: هو أشعر منك إذا أرخي من خناقة(٤)، وأنت أشعر منه إذا خفت أو رجوت، قال(٥): قضيت لي واللَّه عليه(٥) وهل الشعر إلا في الخبر والشّر.
  قال: وروى عن أبي الزناد عن أبيه قال:
  قال لي جرير: يا أبا عبد الرحمن: أنا شعر أم هذا الخبيث - يعني الفرزدق - وناشدني لأخبرنّه، فقلت: لا واللَّه ما يشاركك ولا يتعلق بك في النسيب قال: أوه(٦) قضيت واللَّه له عليّ، أنا واللَّه أخبرك: ما دهاني، إلَّا أنّي
(١ - ١) التكملة من هد، هج.
(٢) يريد أنها أكرم العرب إن كان ثمة نسب يصلها بدارم.
(٣) في هج: «أما واللَّه لئن شئت لترون. إلخ». ولعل المعنى: لو أردت رددت كبائر أسلافك على أسافلها، أي عليك. وفي العبارة غموض.
(٤) لعله يريد بقوله: «إذا أرخى من خناقه» أنه أشعر إذا أمن، أو انطلق، والعبارة أيضا يكتنفها غموض.
(٥ - ٥) التكملة من هد، هج.
(٦) أوه - بفتح الهمزة وسكون الواو وكسر الهاء -: كلمة توجع.