نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته
  أبيه يحيى بن علي بن حميد:
  أنّ النّوار لمّا كرهت الفرزدق حين زوّجها نفسه لجأت إلى بني قيس بن عاصم(١) المنقري ليمنعوها(١) فقال الفرزدق فيهم:
  بني عاصم لا تجنبوها فإنكم ... ملاجئ للسوآت دسم العمائم(٢)
  بني عاصم لو كان حيّا أبوكم ... للام بنيه اليوم قيس بن عاصم(٣)
  فبلغهم ذلك الشعر، فقالوا: واللَّه لئن زدت على هذين البيتين لنقتلنك غيلة،(٤) وخلَّوه والنوار(٤) وأرادت منافرته(٥) إلى ابن الزبير، فلم يقدر أحد على أن يكريها(٦) (٧) خوفا منه(٧). ثم إن قوما من بني عديّ يقال لهم بنو أم النّسير أكروها، فقال الفرزدق:
  ولولا أن يقول بنو عديّ ... ألم تك أمّ حنظلة النّوار
  أتتكم يا بني ملكان عنّي ... قواف لا تقسّمها التّجار
  وقال فيهم أيضا:
  لعمري لقد أردى النّوار وساقها ... إلى البور أحلام خفاف عقولها(٨)
  / أطاعت بني أمّ النّسير فأصبحت ... على قتب يعلو الفلاة دليلها(٩)
  وقد سخطت منّي النّوار الذي ارتضى ... به قبلها الأزواج خاب رحيلها(١٠)
  وإن امرأ أمسى يخبّب زوجتي ... كساع إلى أسد الشرى يستبيلها(١١)
  ومن دون أبواب الأسود بسالة ... وبسطة أيد يمنع الضّيم طولها(١٢)
  وإنّ أمير المؤمنين لعالم ... بتأويل ما وصّى العباد رسولها(١٣)
(١ - ١) التكملة من هد، هج.
(٢) في هد، هج: لا تلجئوها، دسم العمائم: من الدسم بمعنى الدنس، أو من دسم البعير: طلاه بالقار، جمع أدسم.
(٣) قيس بن عاصم المشار إليه كان مضرب المثل في الحلم، ومنه تعلم الحلم أحنف بن قيس، وفي قيس بن عاصم يقول الشاعر:
عليك سلام اللَّه قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما
فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما
(٤ - ٤) الزيادة من هد.
(٥) منافرته: مخاصمته.
(٦) يكريها: يعطيها دابة بالكراء.
(٧ - ٧) التكملة من هد.
(٨) في هد «إلى الغور» بدل «إلى البور».
(٩) القتب: الرحل الصغير على قدر سنام البعير.
(١٠) في ب «شحطت» وهو تصحيف.
(١١) مضى هذا البيت.
(١٢) في «المختار»:
«ومن دون أبوال الأسود»
(١٣) يشير بذلك إلى وجوب طاعة الزوجة لبعلها كما ورد في الشريعة الإسلامية.