كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

صفحة 190 - الجزء 21

  أبيه يحيى بن علي بن حميد:

  أنّ النّوار لمّا كرهت الفرزدق حين زوّجها نفسه لجأت إلى بني قيس بن عاصم⁣(⁣١) المنقري ليمنعوها⁣(⁣١) فقال الفرزدق فيهم:

  بني عاصم لا تجنبوها فإنكم ... ملاجئ للسوآت دسم العمائم⁣(⁣٢)

  بني عاصم لو كان حيّا أبوكم ... للام بنيه اليوم قيس بن عاصم⁣(⁣٣)

  فبلغهم ذلك الشعر، فقالوا: واللَّه لئن زدت على هذين البيتين لنقتلنك غيلة،⁣(⁣٤) وخلَّوه والنوار⁣(⁣٤) وأرادت منافرته⁣(⁣٥) إلى ابن الزبير، فلم يقدر أحد على أن يكريها⁣(⁣٦) (⁣٧) خوفا منه⁣(⁣٧). ثم إن قوما من بني عديّ يقال لهم بنو أم النّسير أكروها، فقال الفرزدق:

  ولولا أن يقول بنو عديّ ... ألم تك أمّ حنظلة النّوار

  أتتكم يا بني ملكان عنّي ... قواف لا تقسّمها التّجار

  وقال فيهم أيضا:

  لعمري لقد أردى النّوار وساقها ... إلى البور أحلام خفاف عقولها⁣(⁣٨)

  / أطاعت بني أمّ النّسير فأصبحت ... على قتب يعلو الفلاة دليلها⁣(⁣٩)

  وقد سخطت منّي النّوار الذي ارتضى ... به قبلها الأزواج خاب رحيلها⁣(⁣١٠)

  وإن امرأ أمسى يخبّب زوجتي ... كساع إلى أسد الشرى يستبيلها⁣(⁣١١)

  ومن دون أبواب الأسود بسالة ... وبسطة أيد يمنع الضّيم طولها⁣(⁣١٢)

  وإنّ أمير المؤمنين لعالم ... بتأويل ما وصّى العباد رسولها⁣(⁣١٣)


(١ - ١) التكملة من هد، هج.

(٢) في هد، هج: لا تلجئوها، دسم العمائم: من الدسم بمعنى الدنس، أو من دسم البعير: طلاه بالقار، جمع أدسم.

(٣) قيس بن عاصم المشار إليه كان مضرب المثل في الحلم، ومنه تعلم الحلم أحنف بن قيس، وفي قيس بن عاصم يقول الشاعر:

عليك سلام اللَّه قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما

فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما

(٤ - ٤) الزيادة من هد.

(٥) منافرته: مخاصمته.

(٦) يكريها: يعطيها دابة بالكراء.

(٧ - ٧) التكملة من هد.

(٨) في هد «إلى الغور» بدل «إلى البور».

(٩) القتب: الرحل الصغير على قدر سنام البعير.

(١٠) في ب «شحطت» وهو تصحيف.

(١١) مضى هذا البيت.

(١٢) في «المختار»:

«ومن دون أبوال الأسود»

(١٣) يشير بذلك إلى وجوب طاعة الزوجة لبعلها كما ورد في الشريعة الإسلامية.