كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

صفحة 195 - الجزء 21

  لقد كنت أهلا أن يسوق دياتكم ... إلى آل زيق أن بعيبك عائب⁣(⁣١)

  وما عدلت ذات الصليب ظعينة ... عتيبة والرّدفان منها وحاجب⁣(⁣٢)

  أأهديت يا زيق بن بسطام طبية ... إلى شرّ من تهدى إليه القرائب⁣(⁣٣)

  ألا ربّما لم نعط زيقا بحكمه ... وأدّى إلينا الحكم والغلّ لازب⁣(⁣٤)

  / حوينا أبا زيق وزيقا وعمّه ... وجدّه زيق قد حوتها المقانب⁣(⁣٥)

  فأجابه الفرزدق فقال:

  تقول كليب حين مثّت سبالها ... وأعشب من مروتها كلّ جانب⁣(⁣٦)

  لسوّاق أغنام رعتهنّ أمّه ... إلى أن علاها الشيب فوق الذوائب⁣(⁣٧)

  ألست إذا القعساء مرت براكب ... إلى آل بسطام بن قيس بخاطب⁣(⁣٨)

  وقالوا: سمعنا أنّ حدراء زوّجت ... على مائة شمّ الذّرى والغوارب⁣(⁣٩)

  فلو كنت من أكفاء حدراء لم تلم ... على دارميّ بين ليلى وغالب

  فنل مثلها من مثلهم ثم أمّهم ... بملكك من مال مراح وعازب⁣(⁣١٠)

  وإني لأخشى إن خطبت إليهم ... عليك الذي لاقى يسار الكواعب⁣(⁣١١)


(١) عائب فاعل يسوق ويعيب (تنازع) يقول: قد كنت حريا أن يسوق ديتك إلى آل زيق عائب على زواجك منهم بدل أن تسوق إليهم أنت المهر، أن يعيبك، خشية أن يعييك، وفي الأصل «لئن» بدل «لقد» وهو تحريف فليس في الكلام جواب لشرط أو قسم.

(٢) ذات الصليب: حدراء، فإنها كانت نصرانية، الظعينة: الزوجة، وجملة المصراع الثاني صفة ظعينة، عتيبة: هو ابن الحارث بن شهاب، الردفان هما عتاب بن هرمي، وعوف بن عتاب بن هرمي: وحاجب: هو ابن زرارة، والردف هو خليفة الملك يشرب بعده وينوب عنه إذا غاب، وإنما أراد بتعداد هؤلاء بيان فضل النوار.

(٣) الاستفهام في البيت إنكاري، يريد أنه لا يؤمن على القرائب من النساء، فما بالك بغيرهن، ومنع بسطاما من الصرف للضرورة، وفي بعض النسخ:

أأهديت يا زيق بن زيق غريبة ... إلى شر من تهدى إليه الغرائب؟

(٤) زيق: أبو حدراء، ضرة النوار، والغلّ: القيد، ولازب: لازم، يريد أن زيقا - وقد كان نصرانيا - شرب كأس المهانة والذل من أيدينا والبيت من «المختار» وساقط من نسخ «الأغاني».

(٥) المقانب: جمع مقنب، وهو جماعة الخيل والبيت من «المختار» ساقط من «الأغاني».

(٦) مثت: أخصبت، سبالها: سنابل زرعها، مروت: جمع مرت، وهو القفز لا نبات به، وقد تضاربت الأصول في ألفاظ هذا البيت كل تضارب، وهذا ما اخترناه منها.

(٧) هذا البيت من هد ويقصد بسائق الأغنام جريرا نفسه.

(٨) القعساء: من قعس الفرس إذا اطمأنت صهوته، وارتفعت قطاته، والأبيات الثلاثة مسوقة سياق التهكم، يقول: تقول كليب قبيلة جرير الراعي ابن الراعية إذا رأته سائقا فرسه: هل تريد أن تخطب من آل بسطام؟.

(٩) شم الذرى والغوارب: عالية الأسنمة والظهور.

(١٠) تكملة من «المختار»، هد.

(١١) يشير بقوله: يسار الكواعب إلى قصة رجل يحمل هذا الاسم، كان عبدا لسيدة من بني غدانة، فطمع فيها، وطلب يدها، فردته مرارا، فجعل يلح عليها، فتظاهرت بالقبول، وقالت: حتى أجمرك، ثم استحضرت مجمرة وأخفت في ثيابها مدية حادة، وجعلت تجمره، ثم مدت يدها إلى قضيبه، فظن أنها تداعبه، ولكنها أخرجت المدية من ثيابها، واستأصلته فجعل يصيح: «مرحبا بمجامر الكرام» فذهبت مثلا.