نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته
  ولو تنكح الشّمس النجوم بناتها ... نكحنا بنات الشمس قبل الكواكب
  /(١) وفي المناقضات التي دارت بين الفرزدق وجرير حول زواج بنت زيق، قال جرير أبياته التي أولها:
  يا زيق أنكحت قينا في استه حمم ... يا زيق ويحك من أنكحت يا زيق(٢)
  أين الألى أنزلوا النعمان ضاحية ... أم أين أبناء شيبان الغرانيق؟(٣)
  يا ربّ قائلة بعد البناء بها: ... لا الصهر راض ولا ابن القين معشوق
  غاب المثنّى فلم يشهد نجيّكما ... والحوفزان ولم يشهدك مفروق(٤)
  والفرزدق يقول لجرير:
  إن كان أنفك قد أعياك محمله ... فاركب أتانك ثم اخطب إلى زيق(١)
  خبران عن ولديه
  : أخبرني الحسن بن يحيى، عن حماد، عن أبيه، عن الهيثم بن عدي، عن زكريا بن ثباة الثقفي(٥) قال:
  أنشدني الفرزدق قصيدته التي رثى فيها ابنه، فلما انتهى إلى قوله:
  بفي الشّامتين الصّخر إن كان مسّني ... رزيّة شبل مخدر في الضّراغم(٦)
  [/ فلما فرغ](٧) / قال: يا أبا يحيى، أرأيت ابني؟ قلت: لا، قال: واللَّه ما كان يساوي عباءته.
  بنو تغلب أعطوا ابنه مائة ناقة
  : قال إسحاق: حدثني أبو محمد العبديّ، عن اليربوعيّ، عن أبي نصر قال: قدم لبطة بن الفرزدق الحيرة، فمر بقوم من بني تغلب فاستقراهم فقروه، ثم قالوا له: من أنت؟ قال: ابن شاعركم ومادحكم، وأنا واللَّه ابن الذي يقول فيكم:
  أضحى لتغلب من تميم شاعر ... يرمي الأعادي بالقريض الأثقل
(١ - ١) ساقط من «الأغاني» وأثبتناه من «المختار».
(٢) القين: الحداد، ويطلق على كل صانع، وكانت العرب تعتبر ذلك مهانة، والحمم: الفحم وكل ما بقي من آثار الاحتراق، كأنه يرمي الفرزدق بسواد استه، ورواية ابن سلام تفيد أن البيت ملفق من بيتين هما:
يا زيق قد كنت من شيبان في حسب ... يا زيق ويحك من أنكحت يا زيق!
أنكحت ويحك قينا باسته حمم ... يا زيق ويحك هل بارت بك السوق!
(٣) يريد أن قومه من شيبان قهروا النعمان بن المنذر، والغرانيق جمع غرنوق: الشاب الممتلئ الناعم وفي رواية:
«استنزلوا النعمان مقتسرا»
بدل
«أنزلوا النعمان ضاحية»
، ويلاحظ أن الفرزدق هنا يشيد بزيق وقومه، بعد ما هبط بهم إلى الحضيض في قوله:
«حوينا أبا زيق وزيقا وأمه ...
إلخ ما تقدم.
(٤) يعدد في هذا البيت أقطاب شيبان - والمثنى: هو المثنى بن حارثة بطل الحروب الفارسية في عهد أبي بكر، والحوفزان، هو الحارث بن شريك بن الصلب، ومفروق: هو النعمان بن عمرو الأصم.
(٥) في هد: «زكريا بن هشام الثقفي».
(٦) بفي: بفم، وهو خبر مقدم عن الصخر، والجملة دعائية، مخدر: ملازم خدره، والخدر من معانيه مقر الأسد، يعني أنه لم يتأثر بموت ابنه هذا، ففيم يشمت الشامتون، ملأت الصخور أفواههم.
(٧) زيادة من الطبعة البولاقية.