نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته
  / وكان يداخل الكلام، وكان ذلك يعجب(١) أصحاب النحو، من ذلك قوله يمدح هشام بن إسماعيل المخزوميّ خال هشام بن عبد الملك:
  وأصبح ما في الناس إلا مملَّكا ... أبو أمه حيّ أبوه يقاربه(٢)
  وقوله:
  تاللَّه قد سفهت أميّة رأيها ... فاستجهلت سفهاؤها حلماءها(٣)
  وقوله:
  ألستم عائجين بنا لعنّا ... نرى العرصات أو أثر الخيام(٤)
  فقالوا: إن فعلت فأغن عنا ... دموعا غير راقئة السّجام(٥)
  وقوله:
  فهل أنت إن ماتت أتانك راحل ... إلى آل بسطام بن قيس فخاطب(٦)
  وقوله:
  فنل مثلها من مثلهم ثم دلَّهم ... على دارميّ بين ليلى وغالب(٧)
  وقوله:
  تعال فإن عاهدتني لا تخونني ... نكن مثل من - يا ذئب - يصطحبان(٨)
  / وقوله:
  إنا وإياك إن بلَّغن أرحلنا ... كمن بواديه بعد المحل ممطور(٩)
  وقوله:
  بنى الفارق أمّك وابن أروى ... به عثمان مروان المصابا(١٠)
  / وقوله:
  إلى ملك ما أمّه من محارب ... أبوه ولا كانت كليب تصاهره(١١)
  وقوله:
  إليك أمير المؤمنين رمت بنا ... هموم المنا والهوجل المتعسّف(١٢)
  وعضّ زمان يا بن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحتا أو مجلَّف(١٣)
(١) لا نعتقد أن هذا التداخل كان يعجب النحاة وإنما كانوا يستشهدون به، أما علماء البلاغة فيستشهدون بهذا التداخل على التعقيد اللفظي الذي ينافي الفصاحة.
(٢) أصل تركيب البيت «وأصبح ما في الناس حي يقاربه إلا مملكا أبو أمه أبوه» هاء يقاربه تعود على خال هشام بن عبد الملك وهاء أمه تعود على هشام بن عبد الملك، وهاء «أبوه» تعود على خال هشام، أي لا حي يشابه خال الملك إلا الملك الذي جده أبو خاله.
وفي رواية: «وما مثله» بدل «وأصبح» والبيت على تعقيده تافه المعنى، ولو قال:
وأصبح ما في الناس إلا مملكا ... أبو أمه أبوه حي يقاربه
لكان أقل تعقيدا مع استقامة الوزن.
(٣) سفه رأيه: حمله على السفه.
(٤) لعنا، أصلها «لعلنا» وهذا هو موضع الشاهد.
(٥) غير راقتة السجام: «دائمة الهملان».
(٦) وفي رواية «فاتت» بدل «ماتت» والبيت متعلق بالمساجلة التي دارت بينه وبين جرير بشأن حدراء، وقد تقدم ذكرها، وإن لم يرد فيها هذا البيت.
(٧) تقدم هذا البيت في المساجلة المشار إليها برواية أخرى، والأولى أصح.
(٨) الخطاب للذئب، والمداخلة هنا هي فصله بين الموصول «من» وصلته «يصطحبان» بالنداء.
(٩) ضمير «إياك» للمدوح، «ونون بلغن» للرواحل، ممطور: خبر مبتدأ محذوف، تقديره هو، يعني إذا بلغناك كنا كمن أمطر واديه بعد الجدب.
(١٠) في بعض النسخ «نما» بدل «بنى» وفي بعضها «فما» والذي نختاره على ما فيه من معاظلة هو رواية «الديوان»:
هو السيف الذي نصر ابن أروى ... به عثمان مروان المصابا
على أن يكون «مروان» بدلا من ابن أروى، و «عثمان» مفعولا به، و «المصابا» صفته.
(١١) لعل تركيب البيت السليم إلى ملك أبوه محارب، ما أمه من كليب ولا كانت تصاهره، وليس بعد ذلك تعسف.
(١٢ - ١٣) الهوجل المتعسف: الدليل المتعسف، المسحت: الكسب الخبيث، المجلف: الموقع صاحبه في الجدب، وفي البيتين إقواء.