كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

صفحة 257 - الجزء 21

  لقد خاب من أولاد آدم من مشى ... إلى الناس مغلول القلادة أزرقا⁣(⁣١)

  أخاف وراء القبر إن لم يعافني ... أشدّ من القبر التهابا وأضيقا

  / إذا جاءني يوم القيامة قائد ... عنيف وسوّاق يقود الفرزدقا⁣(⁣٢)

  رواية أخرى له مع الحسن

  : أخبرنا أحمد: قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا حيان⁣(⁣٣) بن هلال: قال: حدثنا خالد بن الحر: قال:

  رأيت الحسن في جنازة أبي رجاء العطارديّ، فقال للفرزدق: ما أعددت لهذا اليوم؟ فقال: شهادة أن لا إله إلا اللَّه منذ بضع وتسعين⁣(⁣٤) سنة، قال إذا تنجو إن صدقت. قال: وقال الفرزدق: في هذه الجنازة خير الناس وشر الناس، فقال الحسن: لست بخير الناس ولست بشرهم.

  يذكر ذنوبه فينشج

  : أخبرنا ابن عمار، عن أحمد بن إسرائيل، عن عبيد اللَّه بن محمد القرشيّ بطوس، قال:

  حدثني يزيد بن هاشم العبديّ: قال: حدثنا أبي: قال: حدثنا فضيل الرّقاشيّ قال:

  خرجت في ليلة باردة، فدخلت المسجد، فسمعت نشيجا وبكاء كثيرا، فلم أعلم من صاحب ذلك، إلى أن أسفر الصبح، فإذا الفرزدق، فقلت: يا أبا فراس، تركت⁣(⁣٥) النّوار، وهي لينة الدّثار دفئة الشّعار، قال: إني واللَّه ذكرت ذنوبي، فأقلقتني، ففزعت إلى اللَّه ø.

  تنجيه شيبته من النار

  : أخبرني وكيع، عن أبي العباس مسعود بن عمرو بن مسعود الجحدريّ قال: حدثني هلال بن يحيى⁣(⁣٦) الرازيّ: قال: حدثني شيخ كان ينزل سكة قريش: قال:

  / رأيت الفرزدق في النوم فقلت: يا أبا فراس، ما فعل اللَّه بك؟ قال: غفر لي بإخلاصي يوم الحسن، وقال:

  لولا شيبتك لعذّبنك بالنار.

  رواية أخرى في لقائه مع الحسين

  : أخبرني هاشم الخزاعيّ عن دماذ، عن أبي عبيدة، عن لبطة بن الفرزدق، عن أبيه: قال:

  لقيت الحسين بن عليّ ª وأصحابه بالصّفاح، وقد ركبوا الإبل، وجنّبوا الخيل، متقلَّدين السيوف، متنكبين القسيّ، عليهم يلامق⁣(⁣٧) من الديباج، فسلمت عليه، وقلت: أين تريد؟ قال: العراق، فكيف تركت الناس؟ قال: تركت الناس قلوبهم معك، وسيوفهم عليك، والدنيا مطلوبة، وهي في أيدي / بني أمية، والأمر


(١) يراد بالقلادة الطوق، وبغلها إطباقها، ويراد بقوله: «أزرقا» ما ورد في التنزيل من أن المجرمين يحشرون إلى جهنم زرقا.

(٢) في هج: «يسوق» بدل «يقود».

(٣) في هج: «حسان» بدل «حيان».

(٤) في هج: «وثمانين» بدل «وتسعين».

(٥) يريد أنه يبكي لفراق النوار.

(٦) في هج: «هلال بن عيسى» بدل «هلا بن يحيى».

(٧) في هج: «يلانق» وهو تحريف «يلامق» وواحدة «يلمق» وهو القباء: فارسي معرب.