أخبار خالد بن عبد الله
  فما أنتم منّي ولا أنا منكم ... فراش حريق العرفج المتضرّم(١)
  فلست كمن تزري المقالة عرضه ... دنيئا كعود الدوحة المترنّم(٢)
  وما جار بيتي بالذليل فترتجى ... ظلامته يوما ولا المتهضّم
  وأقزل آبائي وقسر عمارتي ... هما ردّياني عزّتي وتكرّمي
  وأحمس يوما إن دعوت أجابني ... عرانين منهم أهل أيد وأنعم(٣)
  / فمن جار مولى يدفع الضيم جاره ... إذا ضاع جاري يا أميمة أو دمي(٤)
  وكيف يخاف الضيم من كان جاره ... مع الشمس ما إن يستطاع بسلم
  وهي قصيدة طويلة.
  ولأسد أشعار كثيرة ذكرت هذه منها هاهنا لأن تعلم إعراقهم في العلم والشعر، وسائرها يذكر في كتاب النسب مع أخبار شعراء القبائل، إن شاء اللَّه تعالى.
  إسلام جده أسد وابنه يزيد
  وأدرك أسد بن كرز الإسلام هو وابنه يزيد بن أسد، فأسلما، فأما أسد فلا أعلمه روى عن رسول اللَّه ﷺ وآله رواية كثيرة، بل ما روى شيئا.
  وأما يزيد ابنه فروى عنه رواية يسيرة، وذكر جرير بن عبد اللَّه خبر إسلامه، حدّث بذلك عنه خالد بن يزيد عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد اللَّه، قال:
  أسلم أسد بن كرز، ومعه رجل من ثقيف، فأهدى إلى النبي ﷺ قوسا، فقال له: يا أسد، من أين لك هذه النّبعة؟ فقال: يا رسول اللَّه تنبت بجبلنا بالسراة، فقال الثّقفيّ: يا رسول اللَّه، الجبل لنا أم لهم؟ فقال:
  بل الجبل جبل قسر، به سمى أبوهم(٥) قسر عبقر. فقال أسد: يا رسول اللَّه، ادع لي. فقال: اللهم اجعل نصرك ونصر دينك في عقب أسد بن كرز. وما أدري ما أقول في هذا الحديث، وأكره أن أكذّب(٦) بما روي عن رسول اللَّه ﷺ،(٧) ولكن ظاهر الأمر يوجب أنه(٧) لو كان رسول اللَّه ﷺ دعا له بهذا الدعاء لم يكن ابنه مع معاوية بصفّين على عليّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ~. ولا كان ابن ابنه خالد يلعنه، على / المنبر. ويتجاوز ذلك إلى ما ساء ذكره من شنيع أخباره - قبحه اللَّه ولعنه - إلا أني أذكر الشيء كما
(١) العرفج: شجر يتخذ منه الوقود، كأنه يقول: بيني وبينكم فراش حريق العرفج المتضرم.
(٢) المترنم: من الرنمة، وهي نبات دقيق، يقول: لست ممن تدنس أعراضهم قالة السوء، وليس عرضي حقيرا كعود الشجرة الواهي الدقيق.
(٣) عرانين: جمع عرنين: السيد الشريف، الأيد: القوة والبطش.
(٤) دمي: الدم الذي أطلبه في ثأر ونحوه، وفي الأصل كان المصراع الثاني من هذا البيت مع المصراع الأول من البيت التالي، وكان المصراع الثاني من البيت التالي مكانه، وهو خطأ.
(٥) في الأصل بدل «أبوهم» «إبراهيم» وهو تحريف.
(٦) في هج: «وأكره أن أكذب من روى عن ... الخ».
(٧ - ٧) تكملة من «هج».