أخبار خالد بن عبد الله
  أنّ كرز بن عامر جدّ خالد بن عبد اللَّه عبد كان آبقا عن مواليه عبد القيس من هجر، ويقال: إن أصله من يهود تيماء، وكان أبق(١)، فظفرت به عبد شمس فكان فيهم عند غمغمة بن شقّ الكاهن، ثم وهبوه لقوم من بني طهيّة، فكان عندهم حتى أدرك، وهرب، فأخذته بنو أسد بن خزيمة، فكان فيهم، وتزوج مولاة لهم يقال لها زرنب، ويقال: إنها كانت بغيّا، فأصابها، فولدت له أسد بن كرز، سماه باسم أسد بن خزيمة لرقّة(٢) كانت فيهم، ثم أعتقوه، ثم إن نفرا من أهل هجر مرّوا به، فعرفوه، فلما رجعوا إلى هجر أخذوا فداءه، وصاروا إلى مواليه فاشتروه وابنه فلم يزل فيهم، حتى خرج معهم في تجارة إلى الطائف، فلما رأى دار بجيلة أعجبته، فاشترى نفسه وابنه، فجاء، فنزل فيهم، فأقام مدة، ثم ادّعى(٣) إليهم وعاونه على ذلك حيّ من أحمس يقال لهم: / بنو منبّة(٤)، فنفاهم أبو عامر ذو الرقعة - سمّي بذلك لأن عينه أصيبت. فكان يغطيها بخرقة - وهو ابن عبد شمس بن جوين بن شقّ، فنزل كرز في بني سحمة هاربا من ذي الرّقعة، ثم وثب على ابن عم للقتّال بن مالك السّحميّ فقتله، وهرب إلى البحرين مع التجار، فأقام مدة، ثم مات، ونشأ ابنه يزيد بن أسد يدّعي في بجيلة، ولا تلحقه إلى أن مات، ونشأ ابنه عبد اللَّه بن يزيد، ثم مضى إلى حبيب بن مسلمة الفهري، وكتب له، وكان كاتبا مفوّها، وذلك في إمارة عثمان بن عفان.
  أبوه خطيب الشيطان
  فنال حظا وشرفا، وكان يقال له: خطيب الشيطان، ووسم(٥) خيله: القسريّ، ثم تدسّس ليملك خيلا(٦) في بلاد قسر، فمنعته بجيلة ذلك أشدّ المنع، فلم يقدر(٧) عليه، حتى عظم أمره، ونشأ ابنه خالد، ومات هو، فكان خالد في مرتبته، ثم ولي العراق، وقال قيس بن القتال له في هذا المعنى:
  ومن سمّاك باسمك يا بن كرز؟ ... وأين المولد المعروف تدري؟(٨)
  وقال بجير بن ربيعة السّحميّ:
  نفته من الشّعبين قسر بعزّها ... إلى دار عبد القيس نفى المزنّم(٩)
(١) أبق يأبق - من باب ضرب وعلم - هرب يهرب.
(٢) كذا في النسخ، ولعل الصواب «لرفه كان فيهم» بدل «لرقة كانت فيهم».
(٣) ادعى: انتسب.
(٤) في بعض النسخ «منبه» بدل «منية» وفي بعضها «أمية».
(٥) وسم خيله القسري: وضع عليها علامة قبيلة قسر، ويبدو أن القبائل كانت تسم الخيل بما يميز خيل كل قبيلة عن خيل سواها.
(٦) في هد. هج: ليملك أرضا.
(٧) لعلها «تقدر» أو «يقدروا» «بدل» «يقدر» ولا مانع أن تكون «يقدر» بالبناء للمجهول، والمراد - كما يبدو - أنه استطاع أن يمتلك الخيل أو الأرض على رغم منع بجيلة له من ذلك.
(٨) في رواية:
«وأين المولد المعرف أنى؟»
(٩) المزنم: الدعي في قوم ليس منهم.