كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار خالد بن عبد الله

صفحة 279 - الجزء 22

  بين أبيه وأبي موسى بن نصير

  / قال أبو عبيدة: وكان بين عبد اللَّه بن يزيد بن أسد بن كرز وبين أبي موسى بن نصير كلام عند عبد الملك بن مروان. فقال له عبد اللَّه: إنما أنت عبد لعبد القيس، فقال: اسكت، / فقد عرفناك إن لم تعرف نفسك، فقال له عبد اللَّه: أنا ابن أسد بن كرز، نحن الذين نضمن الشّهر⁣(⁣١)، ونطعم الدهر، فقال له: تلك قسر، ولست منهم، وإنّما أنت عبد آبق، قد كنت أراك تروم مثل ذلك، فلا تقدر عليه، ثم⁣(⁣٢) نفاه جرير بن عبد اللَّه إلى الشام، فأقام بها مدة، ثم مضى إلى حبيب، فقال له: دع ذكر البحرين لفرارك، أتراك منهم وأنت عبد، وأهلك من يهود تيماء فأسكتهما عبد الملك، ولم يسرّه ما قال عبد اللَّه لأبي موسى بن نصير، لأنه كان على شرطة عمرو بن سعيد يوم قتله، فقال في ذلك أبو موسى بن نصير:

  جاريت غير سئوم في مطاولة ... يا بن الوشائط من أبناء ذي هجر⁣(⁣٣)

  لا من نزار ولا قحطان تعرفكم ... سوى عبيد لعبد القيس أو مضر

  تتوارث أسرته الكذب كابرا عن كابر

  وقال أبو عبيدة: فأخبرني عبد اللَّه بن عمر بن زيد الحكمي قال:

  كان يزيد بن أسد يلقب خطيب الشيطان، وكان أكذب الناس في كل شيء معروفا بذلك، ثم نشأ ابنه عبد اللَّه فسلك منهاجه في الكذب، ثم نشأ خالد ففاق الجماعة إلا أن رياسة وسخاء كانا فيه سترا ذلك من أمره.

  قال عمر بن زيد: فإني لجالس على باب هشام بن عبد الملك إذ قدم إسماعيل بن عبد اللَّه أخو خالد بخبر المغيرة بن سعد وخروجه بالكوفة، فجعل يأتي بأحاديث أنكرها، فقلت له: من أنت يا بن أخي؟ قال إسماعيل بن عبد اللَّه / بن يزيد القسريّ. فقلت: يا بن أخي. لقد أنكرت ما جرى حتى عرفت نسبك⁣(⁣٤). فجعل يضحك.

  يطلب على المنبر أن يطعموه ماء

  أخبرني اليزيديّ، عن سليمان بن أبي شيخ، عن محمد بن الحكم، وذكره أبو عبيدة - واللفظ له - قالا:

  كان خالد بن عبد اللَّه من أجبن الناس، فلما خرج عليه المغيرة عرف ذلك وهو على المنبر، فدهش وتحيّر، فقال: أطعموني ماء، فقال الكميت في ذلك، ومدح يوسف بن عمر:


(١) لعله يريد نضمن شهر السيوف عند الحرب، أو نضمن شهر اسم من نريد رفعته.

(٢) كان سياق الكلام يقتضى أن يقول: ثم نفاك ... الخ بكاف الخطاب، ولكن على الرواية التي بين أيدينا ينبغي أن نعيد ضمير نفاه إلى كلمة عبد من قوله: «أنت عبد آبق» وقد يكون في العبارة خرم.

(٣) الوشائط: الدخلاء ينتمون إلى قوم ليسوا منهم.

(٤) يريد أنه إذا عرف السبب بطل العجب، فهو من أسرة يجري الكذب في دمائها.