كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار خالد بن عبد الله

صفحة 286 - الجزء 22

  المؤمنين؟ قال: أواسيهم ولو في قميصي. فتبين الغضب في وجه هشام⁣(⁣١)، واحتملها.

  يلقب هشاما بابن الحمقاء

  قال المدائني: حدثني بذلك عبد الكريم مولى هشام: إنه كان واقفا على رأس هشام، فسمع هذا من⁣(⁣٢) خالد، قال: وكان⁣(⁣٣) إذا ذكر هشام قال له: ابن الحمقاء فسمعها رجل من أهل الشام، فقال لهشام: إن هذا البطر الأشر الكافر لنعمتك ونعمة أبيك وإخوتك يذكرك بأسوأ الذكر، فقال: ما ذا يقول؟ لعله يقول: الأحول قال: لا واللَّه، ولكن ما لا تنشق به الشفتان قال: فلعله قال: ابن الحمقاء، فأمسك الشامي، فقال: قد بلغني كل ذلك عنه.

  يستغل نفوذه فيتضاعف دخله

  واتخذ خالد ضياعا كثيرة حتى بلغت غلَّته عشرة آلاف ألف درهم، فدخل عليه دهقان كان يأنس به فقال له:

  إن الناس يحبون جسمك، وأنا أحبّ جسمك / وروحك، قد بلغت غلَّة ابنك أكثر من عشرة آلاف ألف سوى غلَّتك⁣(⁣٤)، وإن الخلفاء لا يصبرون على هذا، فاحذر، فقال له خالد: إن أخي أسد بن عبد اللَّه قد كلمني بمثل هذا، أفأنت أمرته؟ قال: نعم، قال: ويحك! دعه، فربّ يوم كان يطلب فيه الدرهم، فلا يجده.

  كان بخيلا بطعامه

  وقال المدائني في خبره: كان خالد بن عبد اللَّه بخيلا على الطعام، فوفد إليه رجل له به حرمة، فأمر أن يكتب له بعشرة آلاف درهم⁣(⁣٥)، وحضر الطعام، فأتي به، فأكل أكلا منكرا، فأغضبه، وقال للخازن: لا تعرض عليّ صكَّه، فعرّفه الخازن ذلك، فقال له: ويحك! فما الحيلة؟ قال: تشتري غدا كل ما يحتاج إليه في مطبخه، وتهب الطبّاخ دراهم، حتى لا يشتري شيئا، وتسأله إذا أكل خالد أن يقول له: إنك اليوم في ضيافة فلان، فاشترى كل ما أراد، حتى الحطب، فبلغ خمسمائة درهم، فأكل خال؛ فأستطاب ما صنع له. فقال له الطبّاخ: إنك كنت اليوم في ضيافة فلان، قال له: وكيف ذاك؟ فأخبره، فاستحيا خالد ودعا بصكَّه، فصيّره ثلاثين ألفا، ووقع فيه، وأمر الخازن بتسليمها إليه.

  حيلة يحتالها تاجر عليه

  قال: وكان لبعض التجار على رجل دين، فأراد استعداء خالد عليه، فلاذ الرجل ببواب خالد، وبره، فقال له: سأحتال لك في أمر هذا بحيلة، لا يدخله عليه أبدا، قال: فافعل، فلما جلس خالد للأكل أذن البواب للتاجر فدخل، وخالد يأكل سمكا، فجعل يأكل أكلا شنيعا كثيرا، فغاظ ذلك خالدا، فلمّا خرج قال / لبوابه: فيم أتاني هذا؟ قال: يستعدي على فلان في دين يدعيه عليه. قال: واللَّه إني لأعلم أنه كاذب، فلا يدخلنّ عليّ. وتقدّم إلى صاحب الشرطة بقبض يده عن صاحبه⁣(⁣٦).


(١) سبب الغضب أن السؤال يؤذن بحاجة بني أمية وزوال ملكهم.

(٢) هذا: هذا الخبر، ونرجح أن «من» هنا تحريف عن، أي سمع رواية الشامي لهذه القصة.

(٣) عبارة هج: «وكان إذا ذكر هشام قال: ما قال لكم ابن الحمقاء؟».

(٤) في هج: «قد بلغت غلتك أكثر من عشرة آلاف ألف سوى غلة ابنك».

(٥) في هج: «بعشرين ألف درهم».

(٦) في هد، هج «بأن يقبض يده عن خصمه» ولعل المراد أنه خلى بين التاجر والمدين، ومنع الشرطة أن تحمي الثاني من الأول.