أخبار خالد بن عبد الله
  المؤمنين؟ قال: أواسيهم ولو في قميصي. فتبين الغضب في وجه هشام(١)، واحتملها.
  يلقب هشاما بابن الحمقاء
  قال المدائني: حدثني بذلك عبد الكريم مولى هشام: إنه كان واقفا على رأس هشام، فسمع هذا من(٢) خالد، قال: وكان(٣) إذا ذكر هشام قال له: ابن الحمقاء فسمعها رجل من أهل الشام، فقال لهشام: إن هذا البطر الأشر الكافر لنعمتك ونعمة أبيك وإخوتك يذكرك بأسوأ الذكر، فقال: ما ذا يقول؟ لعله يقول: الأحول قال: لا واللَّه، ولكن ما لا تنشق به الشفتان قال: فلعله قال: ابن الحمقاء، فأمسك الشامي، فقال: قد بلغني كل ذلك عنه.
  يستغل نفوذه فيتضاعف دخله
  واتخذ خالد ضياعا كثيرة حتى بلغت غلَّته عشرة آلاف ألف درهم، فدخل عليه دهقان كان يأنس به فقال له:
  إن الناس يحبون جسمك، وأنا أحبّ جسمك / وروحك، قد بلغت غلَّة ابنك أكثر من عشرة آلاف ألف سوى غلَّتك(٤)، وإن الخلفاء لا يصبرون على هذا، فاحذر، فقال له خالد: إن أخي أسد بن عبد اللَّه قد كلمني بمثل هذا، أفأنت أمرته؟ قال: نعم، قال: ويحك! دعه، فربّ يوم كان يطلب فيه الدرهم، فلا يجده.
  كان بخيلا بطعامه
  وقال المدائني في خبره: كان خالد بن عبد اللَّه بخيلا على الطعام، فوفد إليه رجل له به حرمة، فأمر أن يكتب له بعشرة آلاف درهم(٥)، وحضر الطعام، فأتي به، فأكل أكلا منكرا، فأغضبه، وقال للخازن: لا تعرض عليّ صكَّه، فعرّفه الخازن ذلك، فقال له: ويحك! فما الحيلة؟ قال: تشتري غدا كل ما يحتاج إليه في مطبخه، وتهب الطبّاخ دراهم، حتى لا يشتري شيئا، وتسأله إذا أكل خالد أن يقول له: إنك اليوم في ضيافة فلان، فاشترى كل ما أراد، حتى الحطب، فبلغ خمسمائة درهم، فأكل خال؛ فأستطاب ما صنع له. فقال له الطبّاخ: إنك كنت اليوم في ضيافة فلان، قال له: وكيف ذاك؟ فأخبره، فاستحيا خالد ودعا بصكَّه، فصيّره ثلاثين ألفا، ووقع فيه، وأمر الخازن بتسليمها إليه.
  حيلة يحتالها تاجر عليه
  قال: وكان لبعض التجار على رجل دين، فأراد استعداء خالد عليه، فلاذ الرجل ببواب خالد، وبره، فقال له: سأحتال لك في أمر هذا بحيلة، لا يدخله عليه أبدا، قال: فافعل، فلما جلس خالد للأكل أذن البواب للتاجر فدخل، وخالد يأكل سمكا، فجعل يأكل أكلا شنيعا كثيرا، فغاظ ذلك خالدا، فلمّا خرج قال / لبوابه: فيم أتاني هذا؟ قال: يستعدي على فلان في دين يدعيه عليه. قال: واللَّه إني لأعلم أنه كاذب، فلا يدخلنّ عليّ. وتقدّم إلى صاحب الشرطة بقبض يده عن صاحبه(٦).
(١) سبب الغضب أن السؤال يؤذن بحاجة بني أمية وزوال ملكهم.
(٢) هذا: هذا الخبر، ونرجح أن «من» هنا تحريف عن، أي سمع رواية الشامي لهذه القصة.
(٣) عبارة هج: «وكان إذا ذكر هشام قال: ما قال لكم ابن الحمقاء؟».
(٤) في هج: «قد بلغت غلتك أكثر من عشرة آلاف ألف سوى غلة ابنك».
(٥) في هج: «بعشرين ألف درهم».
(٦) في هد، هج «بأن يقبض يده عن خصمه» ولعل المراد أنه خلى بين التاجر والمدين، ومنع الشرطة أن تحمي الثاني من الأول.