كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار صخر بن الجعد ونسبه

صفحة 296 - الجزء 22

  لهونا ولكنا بغرّة عيشنا ... عجبنا لدنيانا فكدنا نعينها⁣(⁣١)

  / وكنا إذا نحن التقينا وما نرى ... لعينين إلا من حجاب يصونها⁣(⁣٢)

  أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وأوساطها حتى تملّ فنونها⁣(⁣٣)

  تراه كأس في النوم

  قال ابن حبيب: أرسلت كأس بعد أن زوّجت إلى صخر بن الجعد تخبره أنها رأته فيما يرى النائم: كأنه يلبسها خمارا، وأنّ ذلك جدّد لها شوقا إليه وصبابة، فقال صخر:

  أنائل ما رؤيا زعمت رأيتها ... لنا عجب لو أنّ رؤياك تصدق

  أنائل لولا الودّ ما كان بيننا ... نضا مثل ما ينضو الخضاب فيخلق⁣(⁣٤)

  يشتري نسيئة ثم يهرب من البائع

  أخبرنا حبيب بن نصر، قال: حدثنا عبد اللَّه بن شبيب، قال: حدثني محمد بن عبد اللَّه البكري، قال:

  قدم صخر بن الجعد الخضريّ المدينة، فأتى تاجرا من تجارها، يقال له سيّار فابتاع منه برّا وعطرا، وقال:

  تأتينا غدوة فأقضيك، وركب من تحت ليلته، فخرج إلى البادية، فلما أصبح سيّار سأل عنه؛ فعرف خبره، فركب في جماعة من أصحابه في طلبه، حتى أتوا بئر مطَّلب، وهي على سبعة أميال من المدينة، وقد جهدوا من الحرّ، فنزلوا عليها، فأكلوا تمرا كان معهم، وأراحوا دوابّهم وسقوها، حتى إذا برد النهار انصرفوا راجعين، وبلغ الخبر صخر بن الجعد، فقال:

  أهون عليّ بسيّار وصفوته ... إذا جعلت صرارا دون سيّار⁣(⁣٥)

  / إنّ القضاء سيأتي دونه زمن ... فاطو الصّحيفة واحفظها من العار⁣(⁣٦)

  يسائل الناس هل أحسستم جلبا ... محاربيّا أتى من نحو أظفار⁣(⁣٧)

  وما جلبت إليهم غير راحلة ... وغير رحل وسيف جفنة عار


(١) لهونا: خبر لوانا في البيت السابق، عجبنا لدنيانا: أنكرناها: يقول: ليتنا نعمنا بالحياة، وهي مواتية، ولكننا تنكرنا لها، فكدنا نعينها على إساءتها لنا.

(٢) جواب إذا في البيت التالي، ويريد بقوله:

«وما نرى ...

الخ «أنهما كانا مستترين عن العيون، فلا تقع عليهما إلا من وراء حجاب.

(٣) في هد، هج:

«حتى ترق فنونها»

(٤) بيننا: فراقنا، نضا: نصل، يخلق: يبلى، يقول: إن الفراق يؤثر في الود، ولكن ودنا متين، ولولا متانته ما وهي أثر الفراق، كما يبلى الخضاب وينصل.

(٥) صرار: موضع قرب المدينة، يقول: ماذا عساه يفعل هو وعترته إذا تجاوزت المدينة، وكان بيني وبينه هذا الموضع.

(٦) يريد بالقضاء قضاء الدين، وبالعار فشل سيار في إدراكه.

(٧) فاعل يسائل ضمير سيار، الجلب: ما جلب من متاع وشاء وإبل ونحو ذلك، محاربيا: منسوبا إلى محارب: يعني نفسه، أظفار:

طائفة من الكواكب، وقوله:

«أتى من نحو أظفار»

كلام مسوق مساق التهكم، وفي الأصل «احثثتم» بدل «أحسستمو» وهو تحريف، والمثبت من هد، هج.