كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي حفص الشطرنجي ونسبه

صفحة 303 - الجزء 22

  أن الرشيد غضب على عليّة بنت المهدي، فأمرت أبا حفص الشّطرنجيّ شاعرها أن يقول شعرا يعتذر فيه عنها إلى الرشيد، ويسأله الرضا عنها، فيستعطفه لها فقال:

  صوت

  لو كان يمنع حسن العقل صاحبه ... من أن يكون له ذنب إلى أحد

  كانت عليّة أبرا الناس كلَّهم ... من أن تكافا بسوء آخر الأبد⁣(⁣١)

  مالي إذا غبت لم أذكر بواحدة ... وإن سقمت فطال السّقم لم أعد⁣(⁣٢)

  ما أعجب الشيء ترجوه فتحرمه ... قد كنت أحسب أنّي قد ملأت يدي⁣(⁣٣)

  فأتاها بالأبيات، فساتحسنتها، وغنت فيها، وألقت الغناء على جماعة من جواري الرشيد، فغنّينه إيّاه في أول مجلس جلس فيه معهن، فطرب طربا شديدا، وسألهن عن القصة، فأخبرنه بها، فبعث إليها، فحضرت، فقبّل رأسها، واعتذرت، فقبل عذرها، وسألها إعادة الصوت، فأعادته عليه، فبكى، وقال: لا جرم أني لا أغضب أبدا عليك ما عشت.

  بيتان في دنانير بمائتي دينار

  حدثني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا الحسين بن يحيى، عن عمرو بن بانة، قال:

  دخل أبو حفص الشّطرنجيّ على يحيى بن خالد، وعنده ابن جامع، وهو يلقي على / دنانير صوتا أمره يحيى بإلقائه عليها، وقال لأبي حفص: قل في دنانير بيتين يغنيّ فيهما ابن جامع، ولك بكل بيت مائة دينار⁣(⁣٤) إن جاءت كما أريد، فقال أبو حفص:

  صوت

  أشبهك المسك وأشبهته ... قائمة في لونه قاعده

  لا شكّ إذ لونكما واحد ... أنكما من طينة واحدة

  قال: فأمر له يحيى بمائة دينار، وغنى فيهما ابن جامع.

  قال الأصبهاني: لحن ابن جامع في هذين البيتين هزج.

  صديق حميم لأسرة الخليفة

  أخبرني جعفر بن قدامة، قال: حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال:

  كان أبو حفص الشّطرنجيّ ينادم أبا عيسى بن الرشيد، ويقول له الشعر، فينتحله، ويفعل مثل ذلك بأخيه


(١) أبرا: كذا في هد، وهج والمختار من البراءة، وفي النسخ: أربي. تكافا: من المكافأة وبالتخفيف أيضا.

(٢) هذا البيت منقول من هد والمختار وساقط من الأصل، وقولها: «بواحدة» تعني بواحدة من الذكريات.

(٣) تريد بملء اليد الثقة بمودة الرشيد.

(٤) في هج: «ولك بكل بيت ديناران».