أخبار أبي حفص الشطرنجي ونسبه
  صالح وأخته، وكذلك بعليّة عمتهم، وكان بنو الرشيد جميعا يزورونه ويأنسون به، فمرض، فعادوه جميعا سوى أبي عيسى فكتب إليه:
  يعاتب ابن الرشيد لأنه لم يعده في مرضه
  إخاء أبي عيسى إخاء ابن ضرّة ... وودّي ودّ لابن أمّ ووالد(١)
  ألم يأته أنّ التأدّب نسبة ... تلاصق أهواء الرجال الأباعد
  فما باله مستعذبا من جفائنا ... موارد لم تعذب لنا من موارد
  أقمت ثلاثا حلف حمّى مضرّة ... فلم أره في أهل ودّي وعائدي
  سلام هي الدنيا قروض وإنما ... أخوك مديم الوصل عند الشدائد
  بيتان ليسا له
  حدثني جعفر بن الحسين، قال: حدثني ميمون بن هارون، قال: حدثنا أبي عن أبي حفص الشّطرنجيّ: قال:
  قال لي الرشيد يوما: يا حبيبي، لقد أحسنت ما شئت في بيتين قلتهما، قلت: ما هما يا سيدي؟ فمن شرفهما استحسانك لهما، فقال: قولك:
  صوت
  لم ألق ذا شجن يبوح بحبّه ... إلا حسبتك ذلك المحبوبا
  حذرا عليك وإنني بك واثق ... ألَّا ينال سواي منك نصيبا
  فقلت: يا أمير المؤمنين، ليسا لي، هما للعباس بن الأحنف، فقال: صدقك واللَّه أعجب إليّ، وأحسن منهما بيتاك حيث تقول:
  إذا سرّها أمر وفيه مساءتي ... قضيت لها فيما تريد على نفسي
  وما مرّ يوم أرتجي فيه راحة ... فأذكره إلا بكيت على أمسي
  في البيتين الأولين اللذين للعباس بن الأحنف ثقيل لإبراهيم الموصلي، وفيهما لابن جامع رمل عن الهشامي، الروايتان جميعا لعبد الرحمن، وفي أبيات أبي حفص الأخيرة لحن من كتاب إبراهيم غير مجنّس.
  ينعي نفسه قبل أن يموت
  أخبرني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثني الحسين بن يحيى، قال: حدثني عبد اللَّه بن الفضل، قال:
  دخلت على أبي حفص الشّطرنجي شاعر عليّة بنت المهديّ أعوده في علَّته التي مات فيها، قال: فجلست عنده فأنشدني لنفسه:
(١) في هج:
«وودي له ود ابن أم ووالد»
، وكلتا الروايتين سليمتان.