أخبار ابن ميادة ونسبه
  وإن تدع قيسا لا تجبك وحولها ... خيول تميم سعدها وربابها
  ولو أنّ قيسا قيس عيلان أصحرت(١) ... لأنواء غنم غرّقتها شعابها
  ولو أنّ قرن الشمس كان لمعشر ... لكان لنا إشراقها واحتجابها
  ولكنّها للَّه يملك أمرها ... بقدرته إصعادها وانصبابها
  لعمري لئن شابت حليلة نهبل ... لبئس شباب المرء كان شبابها
  / ولم تدر حمراء العجان(٢) أنهبل ... أبوه أم المرّيّ تبّ تبابها
  فإن يك رمّاح بن ميّادة التي ... يصنّ(٣) إذا باتت بأرض ترابها
  جرى جري موهون القوى قصّرت به ... لئيمة أعراق إليه انتسابها
  فلن تسبق المضمار(٤) في كلّ موطن ... من الخيل عند الجدّ إلَّا عرابها
  وواللَّه لولا أنّ قيسا أذلَّة ... لئام فلا يرضى لحرّ سبابها
  لالحقتها بالزّنج(٥) ثم رميتها ... بشنعاء يعيي القائلين جوابها
  ابن ميادة وأبان بن سعيد
  أخبرني يحيى بن علي عن حمّاد عن أبيه قال:
  وجدت في كتاب أبي عمرو الشّيباني فعرضته على أبي داود فعرفه أو عامّته، قال:
  إنّا لجلوس على الهجم(٦) في ظلّ القصر عشيّة، إذ أقبل إلينا ثلاثة نفر يقودون ناقة حتى جلسوا إلى أبان بن سعيد بن عيينة بن حصن وهو في جماعة من بني عيينة، قال: فرأيت أجلَّة ثلاثة ما رأيتهم قطَّ، فقلنا: من القوم؟
  فقال أحدهم: أنا ابن ميّادة وهذان من عشيرتي؛ فقال أبان لأحد بنيه: اذهب بهذه الناقة فأطلق عنها عند بيت أمّك؛ فقال له ابن ميّادة: هذه يا أبا جعفر السّعلاة، أفلا أنشدك ما قلت فيها؟ قال: بلى فهات؛ فقال:
  قعدت على السّعلاة تنفض مسحها(٧) ... وتجذب مثل الأيم في برة الصّفر
  / تيمّم خير الناس ماء وحاضرا(٨) وتحمل حاجات تضمّنها صدري
  فإني على رغم الأعادي لقائل ... وجدت خيار الناس حيّ بني بدر
(١) أصحرت: برزت إلى الصحراء لا يواريها شيء.
(٢) حمراء العجان: هو سب كان يجري على ألسنة العرب يسب به الأعجميّ فيقال له: يا بن حمراء العجان.
(٣) يصنّ: ينتن.
(٤) كذا في نسخة الأستاذ الشنقيطي طبع بولاق تصحيحا منه، وفي بقية الأصول: «الصمات» ولم نجد له في «كتب اللغة» التي بين أيدينا معنى مناسبا.
(٥) في ط: «بالريح».
(٦) الهجم: ماء لبني فزارة، ويقال: أنه حفر عاد.
(٧) المسح: كساء من الشعر، والأيم: الحية. والبرة: الحلقة من صفر أو غيره تجعل في لحم أنف البعير.
(٨) الحاضر: الحي العظيم أو القوم، كما يطلق الحاج والسامر والجامل على جماعة الحجاج والسمار وجماعة الإبل. وقال الأزهريّ: العرب تقول: حيّ حاضر بغير ماء إذا كانوا نازلين على ماء عد.