أخبار أبي حفص الشطرنجي ونسبه
  صوت
  نعى لك ظلّ الشّباب المشيب ... ونادتك باسم سواك الخطوب(١)
  فكن مستعدّا لداعي الفناء ... فإن الذي هو آت قريب
  / ألسنا نرى شهوات النفو ... س تفنى وتبقى عليها الذنوب
  وقبلك داوى المريض الطبيب ... فعاش المريض ومات الطبيب
  يخاف على نفسه من يتوب ... فكيف ترى حال من لا يتوب؟
  غنى في الأول والثاني إبراهيم هزجا.
  انقضت أخباره.
  صوت
  أبى ليلي أن يذهب ... ونيط الطرف بالكوكب
  ونجم دونه النّسرا ... ن بين الدّلو والعقرب(٢)
  وهذا الصّبح لا يأتي ... ولا يدنو ولا يقرب
  الشعر لأميمة بنت عبد شمس بن عبد مناف، والغناء لإسحاق هزج بالوسطى.
  تسرق لحن إسحاق وهو سكران
  أخبرنا محمد بن يحيى ومحمد بن جعفر النحوي، قالا: حدثنا محمد بن حماد، قال:
  التقيت مع دمن جارية إسحاق بن إبراهيم الموصلي يوما، فقلت لها: أسمعيني شيئا أخذته من إسحاق، فقالت: واللَّه ما أحد من جواريه أخذ منه صوتا قط(٣) ولا ألقى علينا شيئا قط(٣) وإنما كان يأمر من أخذ منه من الرجال مثل مخارق وعلَّويه ووجه القرعة الخزاعيّ وجواري الحارث بن بسخنّر أن يلقوا علينا ما يختارون(٤) من أغانيهم، وأما عنه فما أخذت شيئا قط إلا ليلة، فإنه انصرف من عند المعتصم، وهو سكران، فقال للخادم القيّم على حرمه: جئني بد من، فجاءني الخادم، فدعاني، فخرجت معه، فإذا هو في البيت الذي ينام فيه، وهو يصنع في هذا الشعر:
  أبى ليلي أن يذهب ... ونيط الطَّرف بالكوكب
  وهو يتزايد فيه، ويقومه، حتى استوى له، ثم قام إلى عود مصلح معلَّق كان يكون في بيت منامه، فأخذه، فغنى الصوت، حتى صحّ له، واستقام عليه، وأخذته عنه، فلما / فرغ منه قال: أين دمن؟ فقلت: هو ذا(٥) أنا
(١) يريد بمناداة الخطوب إياه باسم سواه أن موت لداته نذير موته.
(٢) النسران: مجموعتان من النجوم تقعان في النصف الشمالي من القبة السماوية، والدلو والعقرب: برجان من بروج السماء.
(٣ - ٣) ما بين القوسين تكملة من هد.
(٤) في هد، هج «ما يختاره».
(٥) كذا في النسخ، والقياس «هي ذي أنا» بدل «هو ذا أنا» وربما صح أن يكون: هو ضمير الشان.