ذكر الخبر في حروب الفجار وحروب عكاظ
  هتكت بها بيوت بني كلاب ... وأرضعت الموالي بالضروع(١)
  جمعت لها يديّ بنصل سيف ... أفّل فخرّ كالجذع الصّريع(٢)
  وقال أيضا في ذلك:
  نقمت على المرء الكلابيّ فخره ... وكنت قديما لا أقرّ فخارا
  علوت بحدّ السيف مفرق رأسه ... فأسمع أهل الواديين خوارا
  قال: وأمّ عروة الرحّال نفيرة بنت أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة، فقال لبيد بن ربيعة يحض على الطلب بدمه:
  فأبلغ إن عرضت بني نمير ... وأخوال القتيل بني هلال
  بأنّ الوافد الرحّال أضحى ... مقيما عند تيمن ذي الظَّلال(٣)
  قال أبو عبيدة: فحدثني أبو عمرو بن العلاء، قال: لقي البرّاض بشر بن أبي خازم، فقال له: هذه القلائص لك على أن تأتي حرب بن أمية وعبد اللَّه بن جدعان وهشاما والوليد ابني المغيرة، فتخبرهم أن البرّاض قتل عروة، فإني أخاف أن يسبق الخبر إلى / قيس أن يكتموه. حتى يقتلوا به رجلا من قومك عظيما. فقال / له: وما يؤمنك أن تكون أنت ذلك القتيل؟ قال: إنّ هوازن لا ترضى أن تقتل بسيدها رجلا خليعا طريدا من بني ضمرة، قال: ومرّ بهما الحليس بن يزيد أحد بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وهو يومئذ سيد الأحابيش من بني كنانة.
  والأحابيش(٤) من بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وهو نفاثة بن الدّيل، وبنو لحيان من خزاعة، والقارة، وهو أثيع ابن الهون بن خزيمة، وعضل(٥) بن دمس بن محلَّم بن عائذ(٦) بن أثيع بن الهون كانوا تحالفوا على سائر بني بكر بن عبد مناة، فقال لهم(٧) الحليس: مالي أراكم نجيّا(٨)؟ فأخبروه الخبر، ثم ارتحلوا، وكتموا الخبر على اتفاق منهم.
  وفاء ابن جدعان
  قال: وكانت العرب إذا قدمت عكاظ دفعت أسلحتها إلى ابن جدعان، حتى يفرغوا من أسواقهم وحجهم ثم يردّها عليهم إذا ظعنوا، وكان سيدا حكيما مثريا من المال. فجاءه القوم، فأخبروه خبر البرّاض وقتله عروة، وأخبروا حرب بن أمية وهشاما والوليد ابني المغيرة، فجاء حرب إلى عبد اللَّه بن جدعان، فقال له: احتبس(٩) قبلك
(١) في ب: الرضوع، تحريف «الضروع»، كما في هج، له، والمراد أنني بهذه الداهية أوهنت بني كلاب، وأرضعت قومي لبان المجد والفخار من ضروعها.
(٢) لها: للداهية، وفي نسخة «له» أي لعروة القتيل، أفل: به فلول من كثرة الصراع.
(٣) يريد بقوله: «مقيما» أنه دفين هناك.
(٤) ليس قوله والأحابيش عطفا على ما قبله، بل هو كلام مستأنف، وسموا بذلك لأنهم تحالفوا على أن يكونوا يدا على من سواهم ما أقام حبيش، وهو جبل معروف.
(٥) في هد، هج: «وعقيل بن دلس» بدل «وعضل بن دمس».
(٦) في هد: «محلم بن عائدة» بدل «محلم بن عائذ».
(٧) كان السياق يقتضي أن يقول «لهما» بدل «لهم» لأن الحليس إنما يخاطب البراض وبشر بن أبي خازم فلعله أنزل الاثنين منزلة الجمع.
(٨) نجيا: فعيلا من النجوى: بمعنى متناجين، أي مختلين في حديث سري.
(٩) إنما طلب ذلك إليه حتى لا تطالب هوازن بدم عروة.