ذكر الخبر في حروب الفجار وحروب عكاظ
  عبد الملك يستنشد شعر خداش
  وزعموا أن عبد الملك بن مروان استنشد رجلا من قيس هذه الكلمة، فجعل يحيد(١) عن قوله: «سخينة»، فقال عبد الملك: إنا قوم لم يزل يعجبنا السّخن، فهات، فلما فرغ قال: يا أخا قيس، ما أرى صاحبك زاد على التمني والاستنشاء(٢).
  البراض يقدم باللطيمة
  قال: وقدم البرّاض باللطيمة مكَّة، وكان يأكلها، / وكان عامر بن يزيد بن الملوّح بن يعمر الكنانيّ نازلا في أخواله من بني نمير بن عامر، وكان ناكحا فيهم، فهمت بنو كلاب بقتله، فمنعته بنو نمير، ثم شخصوا به حتى نزل في قومه، واستغوت(٣) كنانة بني أسد وبني نمير(٤) واستغاثوا بهم، فلم تغثهم، ولم يشهد الفجار أحد من هذين الحيّين.
  اليوم الثاني من الفجار الثاني
  ثم كان اليوم الثاني من الفجار الثاني؛ وهو يوم شمطة، فتجمعت كنانة وقريش بأسرها وبنو عبد مناة، والأحابيش، وأعطت قريش رؤوس القبائل أسلحة تامة(٥) وأعطى عبد اللَّه بن جدعان خاصة من ماله مائة رجل من كنانة أسلحة تامة(٥) وأداة، وجمعت هوازن، وخرجت، فلم تخرج معهم كلاب ولا كعب، ولا شهد هذان البطنان من أيام الفجار إلا يوم نخلة مع أبي براء عامر بن مالك، وكان القوم جميعا متساندين، على كل قبيلة سيّدهم.
  قوّاد قريش ومن معهم
  فكان على بني هاشم وبني المطلب ولفّهم(٦) الزبير بن عبد المطلب، ومعهم النبي ﷺ، إلا أن بني المطلب - وإن كانوا مع بني هاشم - كان يرأسهم الزبير بن عبد المطلب بن هاشم ورجل منهم، وهو عبد يزيد ابن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، وأم الزّبير الشّفّاء بنت هاشم بن عبد مناف، وكان على بني عبد شمس ولفّها حرب بن أمية ومعه أخواه أبو سفين(٧) وسفيان، ومعهم بنو نوفل بن عبد مناف، يرأسهم بعد حرب مطعم بن عديّ ابن نوفل، وكان على بني عبد الدار ولفّها خويلد بن أسد وعثمان بن الحويرث، وكان على بني زهرة ولفّها مخرمة ابن نوفل بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة وأخوه صفوان، وكان على بني تيم بن مرة ولفّها عبد اللَّه بن جدعان، وعلى بني مخزوم هشام بن المغيرة، وعلى بني سهم العاصي بن وائل، وعلى بني جمح ولفّها أميّة بن خلف، وعلى بني عديّ زيد بن عمرو بن نفيل، والخطاب بن نفيل عمّه، وعلى بني عامر بن لؤي عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ أبو
(١) ظاهر أن القيسي كان يحيد عن قوله «سخينة» لأنها لقب على قريش، والخليفة من قريش.
(٢) استنشاء: طلب إنشاء الشيء، وعبارة عبد الملك لا تخلو من غموض، فالشعر صريح في هزيمة قريش، وانتصار أعدائهم عليهم، فما معنى قوله: ما أرى صاحبك زاد على التمني والاستنشاء، لعله أراد بذلك التمني قول خداش:
«ولو أنا ثقفنا هشاما شالت النعم»
ومعروف أن «لو» حرف امتناع لامتناع.
(٣) استغوت كنانة بني أسد: جروهم إلى الحرب، وفي ب «استغوث» بالثاء المثلثة، وهو تصحيف.
(٤) في هد: «وبني تميم».
(٥ - ٥) تكملة من هد.
(٦) اللف: الجماعة والأخلاط من الناس.
(٧) في بعض النسخ: «أبو سفيان».