كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الخبر في حروب الفجار وحروب عكاظ

صفحة 318 - الجزء 22

  وكانت قريش يفلق الصخر حدّها ... إذا أوهن الناس الجدود العواثر

  اليوم الخامس يوم حريرة

  ثم كان اليوم الخامس، وهو يوم الحريرة⁣(⁣١)، وهي حرّة إلى جانب عكاظ، والرؤساء بحالهم إلا بلعاء بن قيس؛ فإنه قد مات فصار أخوه مكانه على عشيرته، فاقتتلوا، فانهزمت كنانة وقتل يومئذ أبو سفيان⁣(⁣٢) بن أميّة وثمانية رهط من بني كنانة، قتلهم عثمان بن أسد من بني عمرو بن عامر⁣(⁣٣) بن ربيعة، وقتل ورقاء بن الحارث: أحد بني عمرو بن عامر من بني كنانة⁣(⁣٣) وخمسة نفر.

  خداش يسجل هذه الموقعة

  وقال خداش بن زهير، في ذلك:

  لقد بلوكم فأبلوكم بلاءهم ... يوم الحريرة ضربا غير تكذيب

  إن توعدوني فإني لابن عمّكم ... وقد أصابوكم منه بشؤبوب⁣(⁣٤)

  وإن ورقاء قد أردى أبا كنف ... وابني إياس وعمرا وابن أيّوب

  / وإن عثمان قد أردى ثمانية ... منكم وأنتم على خبر وتجريب

  خداش يفقد أباه فيسجل ذلك الشويعر الليثي

  ثم كان الرجل منهم بعد ذلك يلقى الرجل، والرجلان يلقيان الرجلين، فيقتل بعضهم بعضا. فلقي ابن محمية ابن عبد اللَّه الدّبليّ زهير بن ربيعة أبا خداش، فقال زهير: إني حرام جئت معتمرا، فقال له: ما تلقى⁣(⁣٥) طوال الدهر إلا قلت: أنا معتمر، ثم قتله، فقال الشويعر الليثي، واسمه ربيعة بن علس⁣(⁣٦):

  تركنا ثاويا يزقو صداه ... زهيرا بالعوالي والصّفاح⁣(⁣٧)

  أتيح له ابن محمية بن عبد ... فأعجله التسؤم بالبطاح⁣(⁣٨)

  صلح لا يتم

  ثم تداعوا إلى الصلح على أن يدي⁣(⁣٩) من عليه فضل في القتلى، الفضل إلى أهله، فأبى ذلك وهب بن معتّب،


(١) الحريرة: تصغير حرة - بفتح الحاء وتشديد الراء مع فتحها - وهي الأرض ذات حجارة سود كأنها أحرقت.

(٢) هو غير أبي سفيان أبي معاوية، فالقتيل عمه.

(٣ - ٣) التكملة من هد.

(٤) الشؤبوب: الدفعة من المطر، والمراد هنا شؤبوب من الدماء.

(٥) هذه رواية هد، هج، والذي في ب: «ما تبقى».

(٦) في ب «عبس».

(٧) يزقو: يصوت، الصدى: طائر تزعم العرب أنه يخرج من رأس القتيل، فما يزال يقول: «اسقوني» حتى يؤخذ بثأره، الصفاح:

السيوف.

(٨) التسوم: الإغارة، أو سوق الخيل المسومة.

(٩) في رواية «يؤدي» بدل «يدي»، وعلى الرواية الأولى يكون المراد بالفضل المال المتبقي، وعلى الرواية الثانية يكون المراد بالفضل القتلى الزائدين.