كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الخبر في حروب الفجار وحروب عكاظ

صفحة 319 - الجزء 22

  وخالف قومه، واندسّ إلى هوازن، حتى أغارت / على بني كنانة، فكان منهم بنو عمرو بن عامر بن ربيعة، عليهم سلمة بن سعدى⁣(⁣١) البكائي، وبنو هلال عليهم ربيعة بن أبي ظبيان الهلالي، وبنو نصر بن معاوية، عليهم مالك بن عوف، وهو يومئذ أمرد، فأغاروا على بني ليث⁣(⁣٢) بن بكر بصحراء الغميم، فكانت⁣(⁣٣) لبني ليث أول النهار، فقتلوا عبيد بن عوف البكائي، قتله بنو مدلج وسبيع بن المؤمل الجسري حليف بني عامر، ثم كانت على بني ليث آخر النهار، فانهزموا، واستحّر⁣(⁣٤) القتل في بني الملوّح بن يعمر بن ليث، وأصابوا نعما ونساء حينئذ، فكان⁣(⁣٥) ممن قتل في حروب الفجار من قريش العوّام بن خويلد، قتله مرّة بن معتّب، وقتل حزام بن خويلد، وأحيحة بن أبي أحيحة، ومعمر ابن حبيب الجمحي، وجرح حرب بن أمية، وقتل من قيس الصّمّة أبو دريد بن الصمّة، قتله جعفر بن الأحنف⁣(⁣٦).

  صلح يتم برهائن

  ثم تراضوا بأن يعدّوا القتلى، فيدوا من فضل، فكان الفضل لقيس على قريش وكنانة، فاجتمعت القبائل على الصلح، وتعاقدوا ألا يعرض⁣(⁣٧) بعضهم لبعض، فرهن حرب بن أميّة ابنه أبا سفيان بن حرب، ورهن الحارث بن كلدة العبديّ⁣(⁣٨) ابنه النضر، ورهن سفيان بن عوف أحد بني الحارث بن عبد مناة ابنه الحارث، / حتى وديت⁣(⁣٩) الفضول، ويقال: إن عتبة بن ربيعة تقدم يومئذ، فقال: يا معشر قريش، هلمّوا إلى صلة الأرحام والصلح، قالوا:

  وما صلحكم هنا، فإنّا موتورون⁣(⁣١٠)؟ فقال: على أن ندي قتلاكم، ونتصدق عليكم بقتلانا فرضوا بذلك، وساد⁣(⁣١١) عتبة مذ يومئذ، قال: فلما رأت هوازن رهائن قريش بأيديهم رغبوا في العفو، فأطلقوهم.

  النبي يشهد الفجار

  قال أبو عبيدة: ولم يشهد الفجار من بني هاشم غير الزبير بن عبد المطلب، وشهد النبي وآله سائر الأيام إلا يوم نخلة، وكان يناول عمّه وأهله النّبل، قال: وشهدها وهو ابن عشرين سنة، وطعن النبي وآله أبا براء ملاعب الأسنة، وسئل صلَّى اللَّه عليه وآله عن مشهده يومئذ، فقال: ما سرني أني لم أشهده، إنهم تعدّوا على قومي، عرضوا عليهم أن يدفعوا إليهم البرّاض صاحبهم، فأبوا.


(١) في هد، هج: «بني سعلي».

(٢) في هد، هج: «ليث بن كعب بن بكر».

(٣) فكانت، أي الغلبة،

(٤) استحر القتل: أشتد.

(٥) في الأصل: فكان من قتل، وقد صوبناها بزيادة حرف الجر «من» ولعلها: فكان من قتلى حروب الفجار ... الخ.

(٦) في هد، هج: «حفص بن الأحنف».

(٧) في بعض النسخ: «فتعاقدوا على أن يرهن بعضهم لبعض» وهي أنسب لما يرد بعد.

(٨) في هج: «العبدري» - نسبة إلى عبد الدار - بدل «العبدي» والنضر المشار اليه هنا هو أخو قتيلة الذي قتله في بدر، فرثته أخته بالأبيات القافية المعروفة.

(٩) في هد، هج: «حتى أديت» وقد سبق نظير هذا.

(١٠) في هج أورد العبارة كما يلي: «وما صلحكم؟ هؤلاء أصحابنا موتورون».

(١١) في الأصل «وسار عتبة يومئذ على أن أقبل» ولا معنى له، والمثبت من «ف».