كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبيد بن الأبرص ونسبه

صفحة 326 - الجزء 22

  يهبط عليه الشعر من السماء في النوم

  فذكر أنه أتاه آت في المنام بكبّة⁣(⁣١) من شعر، حتى ألقاها في فيه، ثم قال: قم، فقام وهو يرتجز: يعني بني مالك؛ وكان يقال لهم بنو الزّنية يقول:

  أيا بني الزّنية ما غرّكم ... فلكم الويل بسربال حجر⁣(⁣٢)

  ثم استمرّ بعد ذلك في الشعر، وكان شاعر بني أسد غير مدافع.

  بينه وبين امرئ القيس

  أخبرني هاشم بن محمد / الخزاعيّ، قال: حدّثنا أبو غسان دماذ، عن أبي عبيدة، قال:

  اجتمعت بنو أسد بعد قتلهم حجر بن عمرو والد امرئ القيس إلى امرئ القيس ابنه على أن يعطوه ألف بعير دية أبيه؛ أو يقيدوه من أيّ رجل شاء من بني أسد، أو يمهلهم حولا؛ فقال: أما الدية فما ظننت أنكم تعرضونها على مثلي، وأما القود فلو قيد إليّ ألف من بني أسد ما رضيتهم؛ ولا رأيتهم كفؤا لحجر، وأما النّظرة⁣(⁣٣) فلكم، ثم ستعرفونني في فرسان قحطان، أحكَّم فيكم ظبا السيوف وشبا الأسنّة، حتى أشفي نفسي، وأنال ثأري، فقال عبيد ابن الأبرص في ذلك:

  صوت

  يا ذا المخوّفنا بقتل ... أبيه إذلالا وحينا⁣(⁣٤)

  أزعمت أنك قد قتلت ... سراتنا كذبا ومينا⁣(⁣٥)؟

  هلَّا على حجر ابن أم ... م قطام تبكي لا علينا⁣(⁣٦)

  إنّا إذا عضّ الثّقا ... ف برأس صعدتنا لوينا⁣(⁣٧)

  نحمي حقيقتنا وبعض ... الناس يسقط بين بينا⁣(⁣٨)

  هلَّا سألت جموع كندة ... يوم ولَّوا أين أينا؟

  - الغناء لحنين رمل في مجرى الوسطى مطلق عن الهشامي، وفيه ليحيى المكيّ خفيف ثقيل: -


(١) الكبة: مجموعة من الخيوط ونحوها على شكل كرة.

(٢) لعله يعني بالسربال الدرع، نقول: وهل كان الوحي يأتيه في المنام بمثل هذا البيت التافه؟

(٣) النظرة - بكسر الظاء - المهلة، ومنه قوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ}.

(٤) إذلالا: مفعول «المخوفنا» الحين: الهلاك.

(٥) سراتنا: أشرافنا.

(٦) حجر ابن أم قطام: هو أبو امرئ القيس، وإنما نسبه إلى أمه سخرية به.

(٧) الثقاف: آلة تعدل بها الرماح المعوجة، الصعدة: الرمح، يريد أن قناتهم لا يعدلها الثقاف، بل تلتوي عليه، كما يقول عمرو بن كلثوم:

وان قناتنا يا عمرو أعيت ... على الأعداء قبلك أن تلينا

إذا عض الثقاف بها اشمأزت ... وولتهم عشوزنة حرونا

(٨) الحقيقة: ما ينبغي حمايته من حريم ووطن ومال وغير ذلك.