كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبيد بن الأبرص ونسبه

صفحة 332 - الجزء 22

  فدعا بعبيد من وراء الستر، فقال له رديفه⁣(⁣١): هلا كان الذبح لغيرك يا عبيد! فقال: أتتك بحائن رجلاه، فأرسلها مثلا، فقال: ما ترى يا عبيد؟ قال: أرى الحوايا عليها المنايا. فقال: فهل قلت شيئا؟ فقال: حال الجريض دون القريض، فقال: أنشدني.

  أقفر من أهله ملحوب

  فقال:

  أقفر من أهله عبيد ... فليس يبدي ولا يعيد

  عنّت له خطَّة نكود ... وحان منها له ورود

  فقال أنشدنا:

  هي الخمر تكنى بأمّ الطَّلى ... كما الذئب يكنى أبا جعده⁣(⁣٢)

  وأبى أن ينشدهم شيئا ممّا أرادوا، فأمر به، فقتل.

  خبر نديمي المنذر

  فأما خبر عمرو بن مسعود وخالد بن المضلل ومقتلهما فإنهما كانا نديمين للمنذر بن ماء السماء، فيما ذكره خالد بن كلثوم - فراجعاه بعض القول على سكره، / فغضب، فأمر بقتلهما، وقيل: بل دفنهما حيين، فلما أصبح سأل عنهما، فأخبر خبرهما فندم على فعله، فأمر بإبل، فنحرت على قبريهما، وغرّي بدمائها قبراهما إعظاما لهما وحزن عليهما، وبنى الغريّين فوق قبريهما، وأمر فيهما بما قدّمت ذكره من أخبارهما، فقالت نادبة الأسديين:

  ألا بكر الناعي بخير بني أسد ... بعمرو بن مسعود وبالسيّد الصّمد

  / وقال بعض شعراء بني أسد يرثي خالد بن المضلَّل وعمرو بن مسعود، وفيه غناء:

  صوت

  يا قبر بين بيوت آل محرّق ... جادت عليك رواعد وبروق

  أمّا البكاء فقلّ عنك كثيره ... ولئن بكيت فبالبكاء خليق⁣(⁣٣)

  الغناء لابن سريج ثقيل أول مطلق في مجرى الوسطى من جامع أغانيه.

  ومما يغني به أيضا من شعر عبيد:

  صوت

  طاف الخيال علينا ليلة الوادي ... من أمّ عمرو ولم يلمم لميعاد


(١) رديفه: رديف المنذر، والرديف: نديم السلطان الذي يشاربه، ويجلس بجواره، وينوب عنه إذا غاب.

(٢) الطلى: اسم من أسماء الخمر، ويطلق هذا اللفظ على اللذة، وهذا المعنى هو المراد هنا، لأنه لا معنى لأن يكنى الخمر بأم الخمر، وإنما المعقول أن تكنى بأم اللذة. وأبو جعدة، وأبو جعادة: كنية الذئب، ولعله كنى بذلك لتجعد شعر ذنبه.

(٣) تقدم هذان البيتان، ورواية هد:

«ولئن بكيت فبالبكاء حقيق»