كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار إبراهيم بن المدبر

صفحة 380 - الجزء 22

  أن حبسه طال، فلم يكن لأحد في خلاصه منه حيلة مع عضل⁣(⁣١) عبيد اللَّه وقصده إياه، حتى تخلَّصه محمد بن عبد اللَّه بن طاهر، وجوّد المسألة في أمره⁣(⁣٢)، ولم يلتفت إلى عبيد اللَّه، وبذل أن يحتمل في ماله كلّ ما يطالب به، فأعفاه المتوكل من ذلك، ووهبه له، وكان إبراهيم استغاث به ومدحه، فقال:

  دعوتك من كرب⁣(⁣٣) فلبّيت دعوتي ... ولم تعترضّني إذ دعوت المعاذر

  إليك وقد حلَّئت⁣(⁣٤) أوردت همّتي ... وقد أعجزتني عن همومي المصادر

  نمي بك عبد اللَّه في العزّ والعلا ... وحاز لك المجد المؤثّل طاهر

  فأنتم بنو الدنيا وأملاك جوّها⁣(⁣٥) ... وساستها والأعظمون الأكابر

  مآثر كانت للحسين ومصعب ... وطلحة لا تحوي مداها المفاخر⁣(⁣٦)

  إذا بذلوا قيل الغيوث البواكر ... وإن غضبوا قيل الليوث الهواصر⁣(⁣٧)

  تطيعكم يوم اللقاء البواتر ... وتزهو⁣(⁣٨) بكم يوم المقام المنابر

  وما لكم غير الأسرّة مجلس ... ولا لكم غير السيوف مخاصر⁣(⁣٩)

  ولي حاجة إن شئت أحرزت مجدها ... وسرّك منها أول ثم آخر

  / كلام أمير المؤمنين وعطفه ... فمالي بعد اللَّه غيرك ناصر

  وإن ساعد المقدور⁣(⁣١٠) فالنّجح واقع ... وإلا فإني مخلص الودّ شاكر

  عريب تكاتبه وتشفع له

  حدثني جعفر بن قدامة قال:

  كتبت عريب من سرّ من رأى إلى إبراهيم بن المدبر كتابا تتشوّقه فيه، وتخبره باستيحاشها له، واهتمامها بأمره، وأنها قد سألت الخليفة في أمره، فوعدها بما تحبّ، فأجابها عن كتابها، وكتب في آخر الكتاب:

  لعمرك ما صوت بديع لمعبد ... بأحسن عندي من كتاب عريب


(١) عضل: منع.

(٢) جود المسألة في أمره: أحسن الشفاعة فيه.

(٣) في ج: «عن كرب».

(٤) في ب، س: جليت وهي تحريف، ومعنى حلئت: منعت الماء.

(٥) في هج: «شرقها» بدل «جوها».

(٦) المفاخر: جمع مفخرة: ما يتباهى به.

(٧) الهواصر: الكواسر المحطمة.

(٨) في م، هج، هد: ونزهى، والمعنى ونفتخر.

(٩) المخصرة: ما يأخذه الملك بيده يشير به إذا خاطب والخطيب إذا خطب.

(١٠) في م، هد، هج: «المقدار»، والمعنى واحد.