كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار إبراهيم بن المدبر

صفحة 381 - الجزء 22

  تأمّلت في أثنائه خطَّ كاتب ... ورقّة مشتاق ولفظ خطيب

  وراجعني من وصلها ما استرقّني ... وزهّدني في وصل كلّ حبيب

  فصرت لها عبدا مقرّا بملكها ... ومستمسكا من ودها بنصيب

  يحب نبتا وتحب هي مظفرا

  أخبرني جعفر بن قدامة قال:

  كان عليّ بن يحيى المنجّم وإبراهيم بن المدبر مجتمعين في منزل بعض الوجوه بسرّ من رأى على حال أنس، وكانت تغنّيهم جارية يقال لها نبت جارية البكرية⁣(⁣١) المغنية من جواري القيان، فأقبل عليها إبراهيم بن المدبّر بنظره ومزحه / وتجميشه⁣(⁣٢)، وهي مقبلة على فتى كان أمرد من أولاد الموالي يقال له مظفّر، كانت تهواه، وكان أحسن الناس وجها، ولم يزل ذلك دأبهم إلى أن افترقوا، فكتب إليه عليّ بن يحيى يقول:

  لقد فتنت نبت فتى الظَّرف والنّدى ... بمقلة ريم فاتر الطَّرف أحور

  / وشدو يروق السامعين ويملأ ال ... قلوب سرورا مونق متخيّر

  فأصبح في فخّ الهوى متقنّصا ... عزيز على إخوانه ابن المدبّر⁣(⁣٣)

  ولم تدر ما يلقى بها ولو أنّها ... درت روّحت من حرّه المتسعّر

  وذاك بها صبّ ونبت خليّة ... ومشغولة عنه بوجه مظفّر

  ولو أنصفت نبت لما عدلت به ... سواه وحازت حسن مرأى ومخبر

  فكتب إليه إبراهيم بن المدبر:

  طربت إلى قطربّل⁣(⁣٤) وبلشكر⁣(⁣٥) ... وراجعت غيّا ليس عني بمقصر

  وذكَّرني شعر أتاني مونق ... حبائب قلبي في أوائل أعصري

  فنهنهت⁣(⁣٦) نفسي عن تذكَّر ما مضى ... وقلت: أفيقي لات حين تذكَّر

  أبا حسن ما كنت تعرف بالخنا ... ولا بعلوّ في المكان المؤخّر⁣(⁣٧)

  وما زلت محمود الشمائل مرتضى الخ ... لائق معروفا⁣(⁣٨) بعرف ومنكر


(١) في ف «بنت حارثة البكرية» بدل «جارية البكرية».

(٢) في ب، س «تخميشة» وهو تحريف، والتجميش: المغازلة بالقرص واللعب.

(٣) في ج، هج: «لجّ الهوى».

(٤) قطربل: قرية بين بغداد وعكبرا ينسب إليها الخمر.

(٥) بلشكر من قرى بغداد. وفي هج:

«وراجعت عما لست عنه بمقصر»

(٦) نهنهت: كفت وزجرت.

(٧) الخنا: الفحش في القبول، في ج:

«بغلو في المقال»

وفي م:

«في المقام»

(٨) في هج: «مقرونا».