كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار إبراهيم بن المدبر

صفحة 387 - الجزء 22

  الخمر من فيك لمن ذاقه ... والورد للناظر من وجنتيك

  يا حسرتا إن متّ طوع الهوى ... ولم أنل ما أرتجيه لديك

  وأنشدها أبو عبد اللَّه بن حمدون هذه الأبيات، وغنّت بها، وجعل يكرّر قوله:

  الخمر من فيك لمن ذاقه

  ويقول: هذا واللَّه قول خبير مجرّب، فاستحيت من ذلك، وسبّت إبراهيم، فبلغه ذلك، فكتب إلى أبي عبد اللَّه يقول:

  ألم يشقك التماع البرق في السحر؟ ... بلى وهيّج من وجد ومن ذكر

  ما زال دمعي غزير القطر منسجما ... سحّا بأربعة تجري⁣(⁣١) من الدّرر

  وقلت للغيث لما جاد وابله ... وما شجاني من الأحزان والسّهر

  يا عارضا ماطرا أمطر على كبدي ... فإنّها كبد حرّي من الفكر

  لشدّ ما نال منّي الدهر واعتلقت ... يد الزمان وأوهت من قوى مرري⁣(⁣٢)

  / يا واحدي من عباد اللَّه كلَّهم ... ويا غناي⁣(⁣٣) ويا كهفي ويا وزري

  أحين أنشدت شعري في معذّبتي ... أما رثيت لها من شدة الحصر؟

  وما شفعت بها شعري وقلت به ... في ريقها البارد السلسال ذي الخصر⁣(⁣٤)

  لبئس مستنصحا في مثل ذلك يا ... نفسي فداؤك من مستنصح غدر

  واليوم يوم كريم ليس يكرمه ... إلَّا كريم من الفتيان ذو خطر

  نشدتك اللَّه فاصبحه⁣(⁣٥) بصحبته ... مباكرا فألدّ الشّرب في البكر

  وأجمع نداماك فيه واقترح رملا ... صوتا تغنّيه ذات الدّل والخفر

  يرتاح للدّجن⁣(⁣٦) قلبي وهو مقتسم ... بين الهموم ارتياح الأرض للمطر

  يا غادرا يا أحبّ الناس كلَّهم ... إليّ واللَّه من أنثى ومن ذكر


(١) في هد: «تهمي» بدل «تجري».

(٢) مرري: قواي، جمع مرة.

(٣) في ح: «غياثي».

(٤) الخصر: البرد، والفعل خصير.

(٥) كذا في ف؛ وفي ب، س: «فاصحبه».

(٦) ج، هج: «للذكر»، بدل «الدجن».