ذكر الخبر في هذه الغارات والحروب
  وإنّ نساء هنّ ما قال قائل ... غنيمة سوء بينهنّ مهارقه(١)
  ولو نيل في عهد لنا لحم أرنب ... رددنا وهذا العهد أنت معالقه(٢)
  فهبك ابن هند لم تعقك أمانة ... وما المرء إلا عقده ومواثقه
  وكنا إناسا خافضين بنعمة ... يسيل بنا تلع(٣) الملا(٤) وأبارقه(٥)
  فأقسمت لا أحتلّ(٦) إلَّا بصهوة(٧) ... حرام عليّ رمله وشقائقه(٨)
  وأقسم جهدا بالمنازل من منّى ... وما خبّ(٩) في بطائهن درادقه(١٠)
  لئن لم تغيّر ما قد فعلتم ... لأنتحينّ(١١) العظم ذو أنا(١٢) عارقه(١٣)
  / فسمى عارقا بهذا البيت. فبلغ هذا الشعر عمرو بن هند، فقال له زرارة بن عدس: أبيت اللعن، إنه يتوعّدك. فقال عمرو بن هند لترملة(١٤) بن شعاث الطائي - وهو ابن عمّ عارق(١٥): أيهجوني ابن عمك ويتوعّدني! قال: واللَّه ما هجاك، ولكنه قد قال:
  واللَّه لو كان ابن جفنة جاركم ... لكسا الوجوه غضاضة(١٦) وهوانا
  وسلاسلا يبرقن في أعناقكم ... وإذا لقطَّع تلكم(١٧) الأقرانا(١٨)
  ولكان عادته على جيرانه ... ذهبا وريطا رادعا وجفانا
(١) المهرق: ثوب أبيض أو ورق يكتب عليه العهود وما أريد بقاؤه على الدهر، والمعنى: أن النساء اللاتي سباهن الملك وحسّن له بعض الناس الإيقاع بهن غنيمة شر لا ينتفع بها إذ قد سبق عهد الملك لهن بالأمان.
(٢) معالقه: متعلق بذمتك، والمعنى لو صاد أحد أرنبا في حمانا لاقتصصنا منه وفاء بعهدنا فكيف بك لا تحمى نساء تعهدت لهن!
(٣) تلع: جمع تلعة وهي ما علا من الأرض أو ما سفل منها والمراد الثاني.
(٤) الملا: الصحراء.
(٥) أبارق: جمع أبرق: أرض غليظة فيها حجارة ورمل وطين.
(٦) أحتل: أنزل.
(٧) صهوة: برج يتخذ في أعلى الرابية.
(٨) شقائق: جمع شقيقة، وهي أرض صلبة بين رياض تنبت الشجر والعشب.
(٩) الخبب: سير يراوح الفرس فيه بين يديه ورجليه.
(١٠) درادق: جمع دردق كعسكر: صغار الإبل.
(١١) لأنتحين: لأقصدن، يريد لأصيبن هذا العظم.
(١٢) كذا في ف و «اللسان» وفي س، ب: أنت.
(١٣) عرق العظم: أخذ اللحم الذي عليه كله؛ وفي س، ب، ج: «غارقة»، وهو تحريف.
(١٤) في س، ب: «ثرملة» تحريف.
(١٥) في س، ب: «غارق» تحريف.
(١٦) في س، ب، هد: «ما إن كساكم غصة».
(١٧) في ج: «منكم» وفي هج: «عنكم».
(١٨) الأقران: جمع قرن كجبل؛ حبل.