ذكر الخبر في هذه الغارات والحروب
  قالوا: الرداع: المصبوغ بالزعفران، وإنما أراد ترملة أن يذهب سخيمته، فقال: واللَّه لأقتلنّه. فبلغ ذلك عارقا، فأنشأ يقول:
  من مبلغ عمرو بن هند رسالة ... إذا استحقبتها(١) العيس(٢) تنضى(٣) على البعد
  أيوعدني والرمل بيني وبينه؟ ... تبين رويدا ما أمامة من هند
  ومن أجأ(٤) دوني رعان(٥) كأنّها ... قنابل خيل(٦) من كميت(٧) ومن ورد(٨)
  / غدرت بأمر أنت كنت اجتذبتنا ... عليه وشرّ الشيمة الغدر بالعهد
  فقد يترك الغدر الفتى وطعامه ... إذا هو أمسى حلبة من دم الفصد(٩)
  عمرو يغزو طيئا ويشفع غانما فيهم
  فبلغ عمرو بن هند شعره هذا، فغزا طيئا، فأسر أسرى من طيء من بني عدي بن أخزم - وهم رهط حاتم بن عبد اللَّه - فيهم رجل من الأجئيّين يقال له قيس بن جحدر - وهو جد الطرماح بن حكيم، وهو ابن خالة حاتم - فوفد حاتم فيهم إلى عمرو بن هند، وكذلك كان يصنع، فسأله(١٠) إياهم، فوهبهم له إلا قيس بن جحدر، لأنه كان من الاجئيّين من رهط عارق، فقال حاتم:
  فككت عديّا كلَّها من إسارها ... فأنعم وشفّعني بقيس بن جحدر
  أبوه أبي والأمهات أمّهاتنا ... فأنعم فدتك اليوم نفسي ومعشري(١١)
  فأطلقه.
  مالك بن المنذر
  قال: وبلغنا أن المنذر بن ماء السماء وضع ابنا له صغيرا - ويقال: بل كان أخاله صغيرا - يقال له؛ مالك عند زرارة، وإنه خرج ذات يوم يتصيّد، فأخفق، ولم يصب شيئا، فرجع، فمرّ بإبل لرجل من بني عبد اللَّه بن دارم، يقال له سويد بن ربيعة بن زيد بن عبد اللَّه بن دارم، وكان عند سويد ابنة زرارة بن عدس، فولدت له سبعة غلمة، فأمر مالك بن المنذر بناقة / سمينة منها فنحرها، ثم اشتوى وسويد نائم، فلما انتبه شدّ على مالك بعصا فضربه بها،
(١) حملتها على حقبية الرحل.
(٢) الإبل البيض جمع أعيص أو عيساء.
(٣) تنضى: تهزل.
(٤) في س، ب: «ومما أجا».
(٥) رعان: جمع رعن وهو أنف يتقدم الجبل.
(٦) قنابل: جمع قنبل، جماعة من الخيل.
(٧) كميت: فصغير كمت، وهو من الخيل ما خالط حمرته سواد غير خالص.
(٨) ورد: أحمر ضارب إلى الصفرة.
(٩) مرة من الحلب وكانوا يأخذون دم العروق يفصدونه ويجففونه ثم يأكلونه.
(١٠) ب، س: «فسألهم» تحريف.
(١١) ف: «أهل ومعشري».