كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أحمد بن صدقة

صفحة 418 - الجزء 22

  اجتمعنا عند الفضل بن العباس بن المأمون، ومعنا المسدود، وأحمد بن صدقة، وكان أحمد قد حلق في ذلك اليوم رأسه، فاستعجلوا بلافة كانت لهم، فأخذ المسدود سكرّجة⁣(⁣١) خردل، فصبتها على رأس أحمد بن صدقة وقال: كلوا هذه حتى تجيء تلك. فحلف أحمد بالطلاق ألا يقيم، فانصرف. ولما كان من غد جمعهما الفضل بن / العباس، فتقدم المسدود، ودخل أحمد وطنبور المسدود موضوع، فجسّه، ثم قال: من كان يسبح في هذا الماء؟

  فما انتفعنا بالمسدود سائر يومه، على أن الفضل قد خلع عليهما، وحماهما.

  يقتله الأعراب وينهبون ماله

  ولم يزل أحمد مقيما، حتى بلغه موت بنيّة له بالشأم، فشخص نحو منزله، وخرج عليه الأعراب فأخذوا ما معه وقتلوه.

  هل كان أبخر؟

  قال جحظة:

  وقال بعض الشعراء يهجو أحمد بن صدقة وكانت له صديقة فقطعته فعيّره بذلك ونسبها إلى أنها هربت منه لأنه أبخر:

  هربت صديقة أحمد ... هربت من الرّيق الرّدي

  هربت فإن عادت إلى ... طنبوره فاقطع يدي

  صوت

  ألم تعلموا أنى تخاف عرامتي ... وأن قناتي لا تلين على القسر

  وإني وإياكم كمن نبّه القطا ... ولو لم تنبّه باتت الطير لا تسري

  أناة وحلما وانتظارا بكم غدا ... فما أنا بالواني ولا الضّرع الغمر⁣(⁣٢)

  أظنّ صروف الدهر والجهل منكم ... ستحملكم منّي على مركب وعر

  الشعر للحارث بن وعلة الجرمي، والغناء لابن جامع ثقيل بالبنصر عن عمرو، وفيه لسياط لحن ذكره إبراهيم ولم يجنّسه، وقيل إن الشعر لو علة نفسه.


(١) سكرجة: صحفة للطعام.

(٢) الضرع: الجبان. والغمر: الغبي، والذي لم يجرب الأمور.