1 - خبر أبي قطيفة ونسبه
  ألا ليت شعري هل تغيّر بعدنا ... قباء وهل زال العقيق وحاضره؟
  وهل برحت بطحاء قبر محمد ... أراهط غرّ من قريش تباكره
  لهم منتهى حبّي وصفو مودّتي ... ومحض الهوى منّي وللناس سائره
  قال وقال أيضا:
  صوت من غير المائة المختارة
  ليت شعري وأين منّي ليت ... أعلى العهد يلبن فبرام؟
  أم كعهدي العقيق أم غيّرته ... بعدي الحادثات والأيام؟
  وبأهلي بدّلت عكَّا ولخما ... وجذاما، وأين منّي جذام(١)!
  وتبدّلت من مساكن قومي ... والقصور التي بها الآطام
  كلّ قصر مشيّد ذي أواس ... يتغنّى على ذراه الحمام
  إقر منّي السّلام إن جئت قومي ... وقليل لهم لديّ السّلام
  عروضه من الخفيف، غنّاه معبد، ولحنه ثقيل أوّل بالخنصر في مجرى البنصر. و «يلبن» و «برام»:
  موضعان(٢). والآطام: جمع أطم، وهي القصور والحصون. وقال الأصمعيّ: الآطام: الدّور المسطَّحة السّقوف.
  وفي رواية ابن عمار: «ذي أواش» بالشين معجمة، كأنه أراد به أنّ هذه القصور موشيّة أي منقوشة. ورواه إسحاق:
  «أواس» بالسين غير معجمة، وقال: واحدها آسيّ، وهو الأصل. قال ويقال: فلان في آسيّه، أي في أصله. والآسيّ والأساس واحد. وذرا كلّ شيء: أعاليه، وهو جمع، واحدته ذروة. ويروى:
  أبلغنّ السّلام إن جئت قومي
  / وروى الزّبير بن بكَّار هذه الأبيات لأبي قطيفة، وزاد فيها:
  أقطع الليل كلَّه باكتئاب ... وزفير فما أكاد أنام
  نحو قومي إذ فرّقت بيننا الدا ... روحادت(٣) عن قصدها الأحلام
  خشية أن يصيبهم عنت الدّه ... ر وحرب يشيب منها الغلام
  فلقد حان أن يكون لهذا الدّهر عنّا تباعد وانصرام
  عفو ابن الزبير عن أبي قطيفة وعودته إلى المدينة وموته حين وصوله إليها
  رجع الخبر إلى سياقته من رواية ابن عمّار. وأخبرنا بمثله من هذا الموضع الحسين بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن الحزاميّ، وهو إبراهيم بن المنذر، عن مطرّف بن عبد اللَّه
(١) عك بفتح أوّله: قبيلة يضاف إليها مخلاف باليمن (ياقوت)، ولخم وجذام: قبيلتان معروفتان.
(٢) يلبن: جبل قرب المدينة. ويرام (بفتح أوّله وكسره والفتح أكثر): جبل في بلاد بني سليم عند الحرّة من ناحية البقيع. (ياقوت).
(٣) في ت: «وجارت».