أخبار عبد الله بن العجلان
  وبكيّ إن بكيت على حسيل ... ومرداس قتيل بني صباح
  حسيل يغدر به أسيره
  / قال: وأسر عبد اللَّه بن العجلان رجلا من بني الوحيد، فمنّ عليه، وأطلقه، ووعده الوحيديّ الثواب فلم يف فقال عبد اللَّه:
  /
  وقالوا لن تنال الدهر فقرا ... إذا شكرتك نعمتك الوحيد
  فيا ندما ندمت على رزام ... ومخلفه كما خلع العتود
  نعم النذير هند
  قال أبو عمرو: ثم إن بني عامر جمعوا لبني نهد، فقالت هند امرأة عبد اللَّه بن العجلان التي كانت ناكحا فيهم لغلام منهم يتيم فقير من بني عامر: لك(١) خمس عشرة ناقة على أن تأتي قومي فتنذرهم قبل أن يأتيهم بنو عامر، فقال: أفعل، فحملته على ناقة لزوجها ناجية، وزودته تمرا ووطبا من لبن، فركب فجدّ في السير؛ وفني اللبن، فأتاهم والحي خلوف في غزو وميرة، فنزل بهم، وقد يبس لسانه، فلما كلموه لم يقدر على أن يجيبهم، وأومأ لهم إلى لسانه، فأمر خراش بن عبد اللَّه بلبن وسمن، فأسخن، وسقاه إياه، فابتلّ لسانه، وتكلَّم، وقال لهم: أتيتم، أنا رسول هند إليكم تنذركم، فاجتمعت بنو نهد واستعدّت ووافتهم بنو عامر فلحقوهم على الخيل، فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزمت بنو عامر، فقال عبد اللَّه بن العجلان في ذلك:
  عاود عيني نصبها وغرورها ... أهمّ عناها(٢) أم قذاها يعورها؟
  أم الدار أمست قد تعفّت كأنها ... زبور يمان رقشته(٣) سطورها؟
  ذكرت بها هندا وأترابها الألى ... بها يكذب الواشي ويعصي أميرها
  فما معول تبكي لفقد أليفها ... إذا ذكرته لا يكفّ زفيرها
  بأغزر(٤) مني عبرة إذ رأيتها ... بحث(٥) بها قبل الصباح بعيرها
  ألم يأت هندا كيفما صنع قومها ... بني عامر إذ جاء يسعى نذيرها
  / فقالوا لنا إنّا نحبّ لقاءكم ... وإنا نحيّى أرضكم ونزورها
  فقلنا: إذا لا ننكل الدهر عنكم ... بصمّ القنا اللائي الدماء تميرها
  فلا غرو أنّ الخيل تنحط في القنا ... تمطَّر من تحت العوالي ذكورها(٦)
(١) في هج: «هل لك في».
(٢) هج: «عراها».
(٣) هج: «نقشته».
(٤) هج: «بأسرع».
(٥) هج: «يخب».
(٦) تنحط: تزفر. تمطر: تسرع.