كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مالك بن الريب ونسبه

صفحة 471 - الجزء 22

  أذئب الغضا قد صرت للناس ضحكة ... تغادى بك الركبان شرقا إلى غرب

  فأنت وإن كنت الجرئ جنانه ... منيت بضرغام من الأسد الغلب

  بمن لا ينام الليل إلا وسيفه ... رهينة أقوام سراع إلى الشّغب

  ألم ترني يا ذئب إذا جئت طارقا ... تخاتلني أني أمرؤ وافر الَّلبّ

  زجرتك مرات فلما غلبتني ... ولم تنزجر نهنهت⁣(⁣١) غربك بالضرب

  فصرت لقى لمّا علاك ابن حرّة ... بأبيض قطَّاع ينجّي من الكرب

  ألا ربّ يوم ريب لو كنت شاهدا ... لهالك ذكرى عند معمعمة⁣(⁣٢) الحرب

  / ولست ترى إلا كميّا مجدلا ... يداه جميعا تثبتان من التّرب⁣(⁣٣)

  وآخر يهوى طائر القلب هاربا ... وكنت امرأ في الهيج مجتمع القلب

  أصول بذي الزرّين⁣(⁣٤) أمشي عرضنة⁣(⁣٥) ... إلى الموت والأقران كالإبل الجرب

  / أرى الموت لا أنحاش عنه تكرّما ... ولو شئت لم أركب على المركب الصعب

  ولكن أبت نفسي وكانت أبيّة ... تقاعس أو ينصاع قوم من الرعب

  تتعلق به ابنته عند الفراق فقال في ذلك شعرا

  قال أبو عبيدة: لما خرج مالك بن الريب مع سعيد بن عثمان تعلَّقت ابنته بثوبه، وبكت، وقالت له: أخشى أن يطول سفرك أو يحول الموت بيننا فلا نلتقي، فبكى وأنشأ يقول:

  ولقد قلت لا بنتي وهي تبكي ... بدخيل الهموم قلبا كئيبا

  وهي تذري من الدموع على الخدّي ... ن من لوعة الفراق غروبا

  عبرات يكدن يجرحن ماجز ... ن به أو يدعن فيه ندوبا

  حذر الحتف أن يصيب أباها ... ويلاقي في غير أهل شعوبا⁣(⁣٦)

  اسكتي قد حززت بالدمع قلبي ... طالما حزّ دمعكنّ القلوبا

  فعسى اللَّه ان يدفع عنّي ... ريب ما تحذرين حتى أؤبا

  ليس شيء⁣(⁣٧) يشاؤه ذو المعالي ... بعزيز عليه فادعي المجيبا


(١) نهنهت: كففت.

(٢) ب، س: «معمة» وهو تحريف.

(٣) في هج: «تضنيان» بدل «تثبتان».

(٤) الزرين: الحدين.

(٥) عرضنة، أي أمشي بقوة.

(٦) شعوب: علم على المنية وقد يعرف بأل.

(٧) في س، ب: «شيئا».