كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار العديل ونسبه

صفحة 501 - الجزء 22

  شعر العديل بين السهل والفحل

  أخبرني محمد بن يونس الكاتب قال: حدثنا أحمد بن عبيد، عن الأصمعيّ قال:

  دخلت على الرشيد يوما وهو محموم فقال: أنشدني يا أصمعي شعرا مليحا، فقلت: أرصينا / فحلا تريده يا أمير المؤمنين أم شجيّا سهلا؟ فقال: بل غزلا بين الفحل والسّهل، فأنشدته للعديل بن الفرخ العجليّ:

  صحا عن طلاب البيض قبل مشيبه ... وراجع غضّ الطرف فهو خفيض

  كأنّي لم أرع الصّبا ويروقني ... من الحيّ أحوى المقلتين غضيض

  دعاني له يوما هوى فأجابه ... فؤاد إذا يلقى المراض مريض

  لمستأنسات بالحديث كأنّه ... تهلَّل غرّ برقهنّ وميض

  فقال لي: أعدها، فما زلت أكررها عليه، حتى حفظها.

  أخبرني أبو الحسن الأسديّ قال: حدثني الرياشيّ، عن محمد بن سلَّام، قال:

  موته ورثاء الفرزدق له

  قدم العديل بن الفرخ البصرة، ومدح مالك بن مسمع الجحدريّ، فوصله، فأقام بالبصرة، واستطابها، وكان مقيما عند مالك، فلم يزل بها إلى أن مات، وكان ينادم الفرزدق، ويصطحبان فقال الفرزدق يرثيه:

  وما ولدت مثل العديل حليلة ... قديما ولا مستحدثات الحلائل

  وما زال مذ شدّت يداه إزاره ... به تفتح الأبواب بكر بن وائل

  صوت

  إني بدهماء عزّ ما أجد ... عاودني من حبابها زود

  عاودني حبّها وقد شحطت ... صرف نواها فإنني كمد

  قوله: «عزّ ما أجد» أي. شدّ ما أجد. وحبابها: حبّها، وهو واحد ليس بجمع؛ والزّؤد: الفزع والذعر.

  وصرف نواها: الوجه الذي تصرف إليه قصدها إذا نأت. والكمد: شدّة الحزن.

  الشعر لصخر الغيّ الهذليّ، هكذا ذكر الأصمعيّ وأبو عمرو الشيبانيّ، وذكر إسحاق عن أبي عبيدة أنه رأى جماعة من شعراء هذيل يختلفون في هذه القصيدة فيرويها بعضهم لصخر الغيّ، ويرويها بعضهم لعمرو ذي الكلب، وأن الهيثم بن عدي حدّثه عن حمّاد الراوية أنها لعمرو ذي الكلب.