ذكر الغريض وأخباره
  جرى ناصح بالودّ بيني وبينها ... فقرّ بني يوم الحصاب إلى قتلي
  فاشتد سرور القوم، وكان معهم غلام أعجبه، فطلب إليهم أن يكلَّموا الغلام في الخلوة معه ساعة ففعلوا، فانطلق مع الغلام حتّى توارى بصخرة، فلما قضى حاجته أقبل الغلام إلى القوم، وأقبل الغريض يتناول حجرا حجرا يقرع به الصخرة، ففعل ذلك مرارا، فقالوا له: ما هذا يا غريض؟ قال: كأنّي بها قد جاءت(١) يوم القيامة رافعة ذيلها تشهد علينا بما كان منّا إلى جانبها، فأردت أن أجرّح شهادتها عليّ ذلك اليوم.
  نسبة هذا الصوت
  صوت
  جرى ناصح بالودّ بيني وبينها ... فقرّبني يوم الحصاب إلى قتلي
  فقالت وأرخت جانب السّتر إنما ... معي فتحدّث غير ذي رقبة أهلي
  فقلت لها ما بي لهم منه ترقّب ... ولكنّ سرّي ليس يحمله مثلي
  عروضه من الطويل. الشعر لعمر بن أبي ربيعة. والغناء لابن سريج رمل بإطلاق الوتر مجرى البنصر عن إسحاق في الثلاثة الأبيات. وذكر يونس أن فيه لحنا لمالك، وفيه للغريض خفيف ثقيل أوّل بالوسطى عن حبش والهشاميّ وعليّ / بن يحيى وحمّاد بن إسحاق. ولمعبد فيه ثقيل أوّل بالبنصر عن حبش. ولابن محرز ثاني ثقيل بالوسطى عنه.
  كان عمر وجميل يتعارضان في قول الشعر
  حدّثني عليّ بن صالح(٢) بن الهيثم قال حدّثني أبو هفّان عن إسحاق بن إبراهيم عن المسيّبيّ والمدائنيّ وابن سلَّام:
  أنّ عمر بن أبي ربيعة كان يعارض جميلا، إذا قال هذا قصيدة قال هذا مثلها، فيقال: إنّ عمر في الرائيّة والعينيّة أشعر من جميل، وإنّ جميلا أشعر منه في اللاميّة. وقال / الزّبير فيما أخبرني به الحرميّ بن أبي العلاء عنه:
  من الناس من يفضّل قصيدة جميل اللاميّة على قصيدة عمر، وأنا لا أقول هذا، لأنّ قصيدة جميل مختلفة غير مؤتلفة، فيها طوالع النّجد وخوالد المهد، وقصيدة عمر بن أبي ربيعة ملساء المتون، مستوية الأبيات، آخذ بعضها بأذناب(٣) بعض، ولو أنّ جميلا خاطب في قصيدته مخاطبة عمر لأرتج(٤) عليه وعثر كلامه به.
  أخبرني الحرميّ(٥) قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم قال حدّثني شيخ من أهلي عن
(١) كذا في ط. وفي سائر النسخ: «كأني بها قد جاءت به يوم القيامة الخ».
(٢) كذا في ط. وفي سائر النسخ: «عن» وهو تحريف، إذ هو علي بن صالح بن الهيثم الملقب كيلجة، وقد ورد ذكره في الجزء الأول ص ١٢٠ من هذه الطبعة وكتبنا عنه كلمة في الحاشية رقم ١ من هذه الصفحة المذكورة.
(٣) فيء: «بأذيال بعض».
(٤) فيء، ط: «لأرتج عليه وعثر بكلامه وعثر كلامه به».
(٥) كذا في ط. وفي سائر النسخ: «جدّي» ولم نعهد فيما تقدم لنا في رجال السند أن لأبي الفرج جدّا يروي عن الزبير بن بكار، وإنما الذي تكرر كثيرا إن الحرميّ بن أبي العلاء هو الذي يروي عنه.