كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن عبد الملك الزيات ونسبه

صفحة 43 - الجزء 23

  يقول لي الخلَّان لو زرت قبرها ... فقلت: وهل غير الفؤاد لها قبر

  على حين لم أحدث فأجهل قدرها ... ولم أبلغ السنّ التي معها الصبر

  اعتذاره إلى عبد اللَّه بن طاهر:

  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال: حدّثني عبد الرحمن بن سعيد الأزرقيّ، قال: استبطأ عبد اللَّه بن طاهر محمد بن عبد الملك في بعض أموره، واتّهمه بعدوله عن شيء أراده إلى سواه، فكتب إليه محمد بن عبد الملك يعتذر من ذلك، وكتب في آخر كتابه يقول:

  أتزعم أنني أهوى خليلا ... سواك على التّداني والبعاد

  جحدت إذا موالاتي عليّا ... وقلت بأنني مولى زياد

  واحدة بواحدة:

  قرأت في بعض الكتب:

  كان عبد اللَّه بن الحسن الأصبهانيّ يخلف عمرو بن مسعدة على ديوان الرسائل، فكتب إلى خالد بن يزيد بن مزيد: إن المعتصم أمير المؤمنين ينفخ منك / في غير فحم، ويخاطب امرأ غير ذي فهم، فقال محمد بن عبد الملك: هذا كلام ساقط سخيف؛ جعل أمير المؤمنين ينفخ بالزّق كأنه حدّاد، وأبطل الكتاب ثم كتب / محمد بن عبد الملك إلى عبد اللَّه بن طاهر: وأنت تجري أمرك على الأربح فالأربح، والأرجح فالأرجح، لا تسعى⁣(⁣١) بنقصان، ولا تميل برجحان، فقال عبد اللَّه الأصبهانيّ: الحمد للَّه، قد أظهر من سخافة اللفظ ما دل على رجوعه إلى صناعته من التجارة بذكره ربح السّلع، ورجحان الميزان، ونقصان الكيل، والخسران من رأس المال.

  فضحك المعتصم، وقال: ما أسرع ما انتصف الأصبهانيّ من محمد، وحقدها عليه ابن الزيات، حتى نكبه.

  أدعاء له أم عليه:

  أخبرني الأخفش عن المبرّد قال:

  نظر رجل كان يعادى يونس النحوي إليه وهو يهادى⁣(⁣٢) بين اثنين من الكبر، فقال له: يا أبا عبد الرحمن، أبلغت ما أرى؟ فعلم يونس أنه قال له ذلك شامتا، فقال: هذا الذي كنت أرجو فلا بلغته، فأخذه محمد بن عبد الملك الزيّات: فجعله في شعر فقال:

  وعائب عابني بشيب ... لم يعد لمّا ألمّ وقته

  فقلت إذ عابني بشيبي: ... يا عائب الشيب لا بلغته

  منديل تحت عمامة:

  وذكر أبو مروان الخزاعيّ⁣(⁣٣) أن أبا دهمان المغنّي سرق من محمد بن عبد الملك منديلا دبقيّا⁣(⁣٤) فجعله تحت عمامته، وبلغ محمدا، فقال فيه:


(١) في م، أ، تشعر بدل «تسعى».

(٢) في هج «يتهادى» بدل «يهادى».

(٣) ف: «الخرائطي».

(٤) دبقيا: نسبة إلى دبيق كأمير، قرية كانت بين الفرما وتنيس من أعمال مصر مشهورة بالثياب الدبقية، وهي ثياب دقيقة تكور عمائم،