أخبار محمد بن عبد الملك الزيات ونسبه
  لحقت غلَّات أهل البتّ(١) آفة في أيام محمد بن عبد الملك من جراد وعطش، فتظلَّم(٢) إليه جماعة منهم، فوجّه ببعض أصحابه ناظرا في أمرهم، وكان في بصره ضعف، فكتب إليه محمد بن عليّ البتّي:
  أتيت أمرا يا أبا جعفر ... لم يأته برّ ولا فاجر
  / أغثت أهل البتّ إذ أهلكوا ... بناظر ليس له ناظر
  فبلغه، فضحك وردّ الناظر ووقّع لهم بما سألوا بغير نظر.
  مساجلة بينه وبين علي بن جبلة:
  أخبرني الصوليّ ¥ قال: حدّثني محمد بن يحيى بن أبي عبّاد عن أبيه ® قال:
  قال عليّ بن جبلة يهجو محمد بن عبد الملك الزيات، وكان قد قصد أبا دلف القاسم بن عيسى في بعض أمره:
  يا بائع الزيت عرّج غير مرموق ... لتشغلنّ عن الأرطال والسوق
  من رام شتمك لم ينزع إلى كذب ... في منتماك وأبداه بتحقيق
  أبوك عبد وللأمّ التي فلقت ... عن أمّ رأسك هنّ غير محلوق
  / إن أنت عدّدت أصلا لا تسبّ به ... يوما فأمّك مني ذات تطليق
  ولن تطيق بحول أن تزيل شجا ... أثبتّه منك في مستنزل الرّيق
  اللَّه أنشاك من نوك ومن كذب ... لا تعطفنّ إلى لؤم لمخلوق
  ماذا يقول امرؤ غشّاك مدحته ... إلا ابن زانية أو فرخ زنديق؟
  فأجابه محمد:
  اشمخ بأنفك يا ذا السيّء الأدب ... ما شئت واضرب قذال الأرض بالذنب
  وارفع بصوتك تدعو من بذي عدن ... ومن بقالي قلا بالويل والحرب(٣)
  ما أنت إلا امرؤ أعطى بلاغته ... فضل العذار ولم يربع على أدب(٤)
  فاجمح لعلَّك يوما أن تعضّ على ... لجم دلاصيّة تثنيك من كثب(٥)
  إنّي اعتذرت فما أحسنت تسمع من ... عذري ومن قبل ما أحسنت في الطَّلب
  صبرا أبا دلف في كل قافية ... كالقدر وقفا على الجارات بالعقب(٦)
(١) البت: قرية من أعمال بغداد قريبة من راذان.
(٢) كذا في ف وفي سائر النسخ «تكلم».
(٣) قالي قلا: مدينة بأرمينية من نواحي خلاط، بلد أبي علي القالي صاحب «الأمالي».
(٤) يربع: يقف.
(٥) لجم دلاصية: ملساء براقة.
(٦) العقب: جمع عقبة: أي شيء من المرق يرده مستعير القدر.