كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحسن بن وهب

صفحة 75 - الجزء 23

  رواية أخرى فيما أرسله إلى أخيه في سجنه:

  أخبرني الصوليّ: قال: حدّثنا محمد بن يزيد المبرد: قال:

  لما حبس محمد بن عبد الملك الزيات سليمان بن وهب، وطالبه بالأموال وقت نكبته قال الحسن بن وهب:

  خليليّ من عبد المدان تروّحا ... ونصّا صدور العيس حسري وطلَّحا

  فإنّ سليمان بن وهب بمنزل ... أصاب صميم القلب منّي فأقرحا

  أسائل عنه الحارسين لحبسه ... إذا ما أتوني كيف أمسى وأصبحا

  / فلا يهنئ الأعداء حبس ابن حرّة ... يراه العدا أندى يمينا وأسمحا

  وقولا لهم صبرا قليلا وأصبحوا ... فما أقرب الليل البهيم من الضّحا

  قال: وقيل له وسليمان محبوس: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت واللَّه قليل⁣(⁣١) النّشاط، كالّ القريحة، صدئ الذهن، ميّت الخاطر من سوء فعل الزّمان، وتوارد الأحزان، وتغيّر الإخوان، قال: وآلى ألَّا يذوق طعاما طيّبا، ولا يشرب ماء باردا، ما دام أخوه محبوسا، فوفّى بذلك.

  من قوله في حاج:

  أخبرني الصوليّ: قال: أخبرني أبو الأسود: قال:

  كان للحسن بن وهب جار هاشميّ، يلقّب بالطير، فحجّ سنة من السنين، ورجع آخر الناس، فقال فيه الحسن:

  أينقص أم يزيد من الرقاعه ... أخو حمق له الدّنيا مشاعه

  يحجّ على الجمال ولو تجلَّى ... لمكة جاءها في بعض ساعة

  الدمع حزن محلول:

  أخبرني الصوليّ: قال: حدّثنا الطالقاني: قال: حدّثنا أحمد بن سليمان بن وهب. قال: رآني عمي الحسن، وأنا أبكي لفراق بعض ألَّافي فقال:

  ابك فما أنفع ما في البكا ... لأنّه للوجد تسهيل

  وهو إذا أنت تأمّلته ... حزن على الخدّين محلول⁣(⁣٢)

  لا تنه عن خلق:

  أخبرني الصوليّ: قال: حدّثنا علي بن الصبّاح⁣(⁣٣): قال: بلغ الحسن بن رجاء أنّ الحسن بن وهب عابه بحبّ الغلمان، وكان الحسن بن وهب أشدّ حبّا لهم منه، فقال: مثلي ومثله كما قال حسان بن ثابت:


(١) هج: «عليل».

(٢) هج:

«حزن جرى في الحد محلول»

(٣) مد: «علي بن صالح».