كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحسن بن وهب

صفحة 76 - الجزء 23

  وإني لأغنى الناس عن فضل⁣(⁣١) صاحب ... يرى الناس ضلَّالا وليس بمهتد

  المسؤول أحوج من السائل:

  أخبرنا محمد: قال: حدّثنا الحزنبل: قال:

  كتب رجل إلى الحسن بن وهب يستميحه، فوقّع في رقعته:

  الجود طبعي ولكن ليس لي مال ... فكيف يحتال من بالرّهن يحتال

  تكره النار:

  أخبرني الحسن بن عليّ: قال: حدّثني محمد بن موسى بن حمّاد: قال:

  كنت أكتب في حداثتي بين يدي الحسن بن وهب - وكان شديد الشّغف ببنات جارية محمد بن حماد كاتب راشد، فكنّا يوما عنده، وهي تغنّي، وبين أيدينا كانون فحم، فتأذّت به، فأمرت أن يباعد، فقال الحسن:

  بأبي كرهت النار حتى أبعدت ... فعلمت ما معناك في إبعادها

  هي ضرة لك بالتماع ضيائها ... وبحسن صورتها لدى إيقادها

  وأرى صنيعك في القلوب صنيعها ... في شوكها وسيالها وقتادها⁣(⁣٢)

  شركتك في كلّ الجهات بحسنها ... وضيائها وصلاحها وفسادها

  تفاجئه بنات:

  أخبرني الصّوليّ: قال: حدّثني الحسين بن يحيى: قال:

  كنا عند الحسن بن وهب، فقال: لو ساعدنا الدهر لجاءتنا بنات، فما تكلَّم بشيء حتى دخلت، فقال: إنّي وإياك لكما قال علي بن أمية:

  وفاجأتني والقلب نحوك شاخص ... وذكرك ما بين اللسان إلى القلب

  فيا فرحة جاءت على إثر ترحة ... ويا غفلتا عنها وقد نزلت قربي⁣(⁣٣)

  تخونه شجاعته أمام بنات:

  قرأت في بعض الكتب: دخلت يوما بنات على الحسن بن وهب، وهو مخمور، فسلَّمت عليه، وقبلت يده، فأراد تقبيل يدها، فمنعته فرعش، فقال:

  /

  أقول وقد حاولت تقبيل كفّها ... وبي رعدة أهتزّ منها وأسكن

  فديتك إني أشجع الناس كلَّهم ... لدى الحرب إلا أنّني عنك أجبن


(١) ف: «وصل صاحب».

(٢) السيال: ما طال من السمر، والقتاد: شجر له شوك كالأبر.

(٣) يا غفلتا قلبت ياء المتكلم ألفا وفي هج: «يا غفلتي».